القاهرة: إثيوبيا تمارس تصرفات “متهورة” في إدارة سد النهضة وتهدد أمن شعوب دول المصب
وكالات- متابعات تاق برس- اتهمت وزارة الموارد المائية والري المصرية، إثيوبيا بالتهور في إدارة سد النهضة «غير الشرعي»، وتهديد أمن واستقرار شعوب دول المصب.
وأفادت الوزارة في بيان، اليوم (الجمعة)، بأنها تتابع تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام، وما ارتبط بها من تصرفات إثيوبية أحادية متهورة تفتقر إلى أبسط قواعد المسؤولية والشفافية، وتمثل تهديداً مباشراً لحياة وأمن شعوب دول المصب.
وتهدد دول المصب.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن مشغلي السد الإثيوبي خالفوا القواعد الفنية والعلمية المعتمدة، إذ قاموا بتخزين كميات أكبر من المتوقع من مياه الفيضان، مع تقليل التصريفات من نحو 280 مليون م³ إلى 110 ملايين م³ يوم 8 سبتمبر 2025. وأوضحت الوزارة أن هذا التصرف أدى إلى زيادة مفاجئة في كميات المياه، خصوصًا مع تأخر سقوط الأمطار داخل السودان وارتفاع إيراد النيل الأبيض عن معدلاته الطبيعية، ما تسبب في غمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وغمر العديد من القرى السودانية.

بعد الاحتفال بافتتاح السد يوم 10 سبتمبر 2025، عمد المشغل الإثيوبي إلى تصريف كميات ضخمة من المياه، بلغت 485 مليون م³ في يوم واحد، تلتها زيادات مفاجئة وغير مبررة في التصريفات وصلت إلى 780 مليون م³ يوم 27 سبتمبر، ثم انخفضت إلى 380 مليون م³ يوم 30 سبتمبر، ما يعكس الطبيعة غير المنضبطة والعشوائية لإدارة السد. كما أظهرت التقديرات انخفاض منسوب السد بما يقارب متر واحد، أي ما يعادل تصريف نحو 2 مليار م³ من المياه المخزنة دون مبرر، بخلاف التصرفات الناتجة عن الفيضان نفسه.

المحتويات
دلهمو تتحول إلى بحيرة
في محافظة المنوفية، شهدت قرية «دلهمو» صباح اليوم ارتفاعاً غير مسبوق لمنسوب مياه النيل، ما أدى إلى غمر أراضي طرح النهر وعدد من المنازل. الخسائر المبدئية قُدرت بنحو 900 فدان من الأراضي المزروعة، وغمرت المياه عشرات المنازل في القرية.
تحركات الأهالي واستخدام المراكب
رغم الفيضانات والتحذيرات، لجأ أهالي دلهمو إلى استخدام المراكب كوسيلة أساسية للتنقل بين المنازل والأحياء والمزارع الغارقة. بعض العائلات تعتمد على المراكب يوميًا للوصول إلى منازلها، مؤكدين أنهم لن يغادروا أراضيهم حتى بعد تعرضها للغرق، معتبرين البقاء واجبًا لحماية المحاصيل المتبقية والممتلكات. مشاهد الأهالي وهم يرسون المراكب أمام أبواب منازلهم أو يجرّون مواشيهم بالطوافات انتشرت في القرية كدليل على الصمود واليأس في آنٍ واحد.
تحذيرات عاجلة من رئاسة أشمون
أصدرت رئاسة مركز ومدينة أشمون بيانًا عاجلاً طالبت فيه جميع المواطنين والمزارعين المقيمين في أراضي طرح النهر بضرورة إخلاء تلك الأراضي والمنازل المقامة عليها، نظرًا لارتفاع منسوب المياه بفرع نهر النيل، وما قد يؤدي إلى غمر معظم أراضي طرح النهر والمباني الواقعة على جوانب المجرى. كما شددت الرئاسة على:
- تجنب زراعة أي محاصيل في الوقت الحالي.
- الإسراع في إخلاء المنازل والمزارع لحين استقرار المنسوب.
- اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات.
الأثر على السودان
وأشارت وزارة الري إلى أن التقاء الكميات الكبيرة وغير المتوقعة من المياه مع تأخر واختلاف مواعيد سقوط الأمطار داخل السودان، وارتفاع إيراد النيل الأبيض عن معدلاته الطبيعية، أدى إلى زيادة مفاجئة في كميات المياه نتج عنها غمر مساحات من الأراضي الزراعية وغمر العديد من القرى السودانية، وتسجيل خسائر واسعة في محاصيل وممتلكات النازحين والقرى المتضررة.
البعد السياسي والإداري
وربطت الوزارة بين ما جرى وإدارة إثيوبيا لسد النهضة، معتبرة أن التصرفات الموصوفة بـ«المتهورة» تكشف زيف الادعاءات المتكررة بعدم الإضرار بالغير، وأنها لا تعدو استغلالًا سياسيًا للمياه على حساب الأرواح والأمن الإقليمي.
وأكدت أن مثل هذه التصرفات:
- تفوق تأثيراتها المحلية لتصبح تهديدًا لدول المصب.
- تزيد من هشاشة التنسيق المائي الإقليمي.
- قد تتحول إلى أداة ضغط سياسية تُعرض الأمن الغذائي والمائي للخطر.
ويرى مراقبون أن ما حدث في دلهمو وبعض مناطق السودان هذا العام يسلط الضوء بحدة على ضرورة تنسيق عالٍ وشفاف بين دول المنبع والمصب في إدارة الموارد المائية، ويُظهر تبعات السياسات الأحادية على الأرض: خسائر فادحة في الزراعة، مخاطر على المنازل والإنسان، واحتدام توترات إقليمية. حذر الخبراء من أن استمرار هذه التصرفات قد يؤدي إلى تفاقم الخسائر البشرية والاقتصادية، وتحويل الأحداث المحلية إلى أزمة إقليمية تتطلب تحركًا دوليًا وإقليميًا عاجلًا.
