هاينان .. جنة الله في الأرض وهاوي الشرق

318

“تاق برس” هاينان “الصين” عبد الرحيم بشير- مثل بورت سودان في بلدنا السودان، هناك جنة أخرى على الأرض جنوب الصين اسمها جزيرة هاينان وهي أصغر محافظة صينية والتي تقع في بحر الصين الجنوبي يحيطها دول الفلبين من الغرب وفيتنام من الشرق وإندونيسيا من الجنوب، يقول عنها أهلها أنها هاواي الشرق في إشارة إلى جزر هاواي الأمريكية، وأنها أفضل من جزيرة بالي الإندونيسية المقصد الأول للراغبين في قضاء شهر العسل على مستوى العالم.

ولكنها تختلف في أنها تجمع بين المياه الزرقاء الصافية والرمال البيضاء وغابات أشجار جوز الهند وأشجار أخرى مختلفة ومتنوعة، لذا فهي تعتبر قبلة السياح من مختلف أصقاع العالم، حيث اجتذبت 50 مليون سائح سنويًا، وحققت في 2016 دخل افترب من 4.3 مليار دولار أمريكي، كما تعتبر من أهم المناطق الاقتصادية في الصين حيث يبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية حوالي 120 مليار دولار.

وتعتبر هاينان هي أكبر منطقة اقتصادية حظيت باهتمام الزعيم الصيني دنج شياو بينج في أواخر عام 1980، أي بعد عام واحد من بدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، وتحوي الجزيرة ثماني مجموعات من المدن الرئيسية وعشرة مناطق، هي هايكو العاصمة على الساحل الشمالي من الجزيرة، وسانيا العاصمة الثانية والواجهة السياحية المعروفة على الساحل الجنوبي، أما المدن الرئيسية الأخرى فهي نتشانج، تشيونجهاي، إننينج، وتشيشان، ودونج فانج.

طقس استوائي
الطقس في هاينان استوائي حار معظم أوقات السنة يشبه طقس بورت سودان في الصيف، مع أمطار ونوات في بعض الأحيان، لذا فإن الجزيرة الصغيرة البالغ مساحتها 33 ألف و920 كلم مربع تغسل نفسها كل فترة من خلال مياه الأمطار، خصوصًا في الجزء الجنوبي حيث تقع مدينة سانيا العاصمة الثانية للمحافظة في أقصى الجنوب، فيما هايكو العاصمة الأولى في أقصى الشمال، وقد تم فصل هاينان عن قوانجدونج في شبه جزيرة ليتشو إلى الشمال من الأماكن الضحلة والضيقة لمضيق تشيونجتشو .

تحتوي هايكو العاصمة على مواقع تاريخية مثيرة للاهتمام، وهي معروفة أيضا باسم مدينة جوز الهند، كما أنها تحوي الميناء الرئيسي، والذي يتكون من خمسة معابد وقاعات تقليدية التي بنيت على شرف خمسة أباطرة من تانج (618-907) وحتى سونج (960-1279)، وفي المدينة بنيت قلعة شيو يينغ فورت في عام 1891 للدفاع عن الزاوية الجنوبية الشرقية من الصين خلال الحرب الصينية الفرنسية، وهناك خمسة مدافع كبيرة لا تزال على حالها ومشاهدتها في الموقع.

تتمتع محافظة هاينان بموروث ثقافي واجتماعي والمتمثل في إنشاء القرى السياحية والثقافية والتي يبرز خلالها الصينيون كافة أنشطتهم وتفجير إبداعاتهم الثقافية المتنوعة مثل الرقص الشعبي الذي اشتهر به سكان المنطقة، واستخدام الحيوانات في العروض الموسيقية والمسرحية، وفي تلك القرى السياحية التي تقدم مروثات ثقافية سحر أخاذ وجمال طبيعي.

والناظر إلى المكون الثقافي يجد ثمة مشتركات تجمعه مع نظيره في منطقتنا العربية والإفريقية، مثل طريقة غزل الثياب والنسيج اليدوي في الريف، المهن الحرفية مثل طحن الذرة والقمح في إناء خشبي من خلال هراوات عملاقة، أيضًا اللعبات الشعبية البسيطة مثل لعبة مشابهة لـ”العقلة” حيث يقفز الشخص فوق عدد من عيدان الخشب تحركه شخصان على الطرفين، والتي قال عنها الصينيون أنها ضاربة في أعمال التاريخ.

سانيا جنة الله في الأرض
عندما تتأهب الطائرة لتحط بمطار فونيكس بمدينة سانيا، وتضبط مسارها صوب أرضية الهبوط، يرتسم على اليسار، وأنت تطل من النافذة، شاطئ يمتد على عدة كيلومترات ومن خلفيته أشجار استوائية، يستطيع هذا الشاطئ الذي يمتد على مساحة 50 كلم أن يتسع للآلاف من المصطافين بمياه بحر الصين الجنوبي.

ولأن سانيا بها عدة محميات طبيعية وينابيع للمياه الدافئة بما لا يمكن معه إقامة منشئات سياحية، قامت الحكومة المركزية الصينية ببناء منشئات سياحية في قلب البحر مثل التي أقامتها دولة الإمارات في دبي وأبو ظبي، فضلا عن تطوير البنية التحتية من مطارات وموانئ وطرق وكباري.

الهروب من الثلوج
ويهرب إليها الصينيون من الثلوج والجليد والبرد القارص بمحافظات الشمال خاصة العاصمة بكين، للاستمتاع بأشعة الشمس الساطعة مع السماء الصافية والشواطئ الدافئة، لذلك، تجذب مدينة سانيا عددا كبيرا من السياح الصينيين والأجانب طوال السنة ، وخاصة في الشتاء ، حيث تكون مزدحمة دائما بالزوار بسبب جوها الدافئ ، وكأنهم في جزيرة هاواي الأمريكية .

يوجد في مدينة سانيا كثير من الأماكن الممتعة والمواقع السياحية المشهورة ، حيث تجد صوت دقات الجرس البرونزي الكبير في معبد نان شان العريق، أو تستمع إلى الأساطير القديمة في موقع أخر، أو تجرب الغطس تحت مياه البحر لمشاهدة عالم ساحر هناك، وبعد أن يسدل الليل ستاره على كل المدينة ، تفتح المقاهي أبوابها لتناول بعض الأطباق البحرية الطازجة والمأكولات المحلية المختلفة.

في هاينان يتواجد ممثلوا قومية “هان” وهي القومية الأكبر في الصين -93%- بالإضافة الى ممثلي قوميات “لي و”مياو” و”هوي”، وبعضها مسلمة، تتجاور الأديان والعقائد، وتعيش في سلام وإنسجام ووئام، وغالبية سكان الجزيرة من المهاجرين، في حين يشكل السكان الأصليون أقلية.

أكواخ قش الأرز
ويحرص كثير من السياح الذين يقصدون جزيرة هاينان على التعرف على حياة السكان الأصليين بالجزيرة، إما بزيارة شعب “لي” الذي يستوطن منتصف الجزيرة والذي مازال يحيا حياة بدائية في أكواخ من قش الأرز، أو بزيارة بعض المتاحف التي خُصِّصت لعرض ثراث الجزيرة وسكانها القدامى.

رأس الغزال مقصد العشاق
ومن أبرز المزارات السياحية التي تستحق الزيارة في سانيا متنزه “لوهوي تو”، وهو عبارة عن تل، أو جبل صغير، تكسوه الأعشاب والأشجار، وعلى قمة المتنزه تمثال لغزال برأس ملتوية، وعند التمثال يتواجد العشاق حيث يسود الاعتقاد بأن هذا التمثال يجلب الحظ لهم.

ومن الأماكن السياحية التي تجذب كثيرا السياح معبد “نان شان” “الثقافي” الذي تم إكمال بنائه أواسط سنة 1998 على مشارف مدينة سانيا، والذي يتوافد عليه الزوار لمشاهدة تمثال بوذا العملاق الذي نصب فوق المعبد، والذي يصل إرتفاعه إلى 108 أمتار.

يضاف إلى تلك المزارات السياحية، محمية “يانودا” التي تم إفتتاحها عام 2008 لتصبح من أهم المعالم السياحية بالمدينة، وهي عبارة عن غابة موحشة تبعد عدة ساعات عن مدينة سانيا، تستمد اسمها من كلمة “يانودا”، وهي صيغة التحية للسكان الأصليين.

صخرة نهاية العالم
بالإضافة إلى شاطىء ومنتزه “صخرة نهاية العالم”، والذي هو عبارة عن شاطئ فريد من نوعه بالساحل الجنوبي، يمتاز بصخوره الكبيرة، ويرجع سبب إطلاق هذا الاسم عليه إلى قيام حكام “أونجنادا” بنفي عدد من الموظفين إليه قبل 1000 سنة، فقديما كانت تعد جزيرة هاينان بمثابة منفى “لمملكة الوسط”، فمن كان يعيش هناك، كان ينعزل عن العالم المتحضر.

وحي الرومانسية
و تُعتَبر هاينان وحي الرومانسية للساعين إلى رياضات التأمل وتطوير الذات وفلسفة المحبة وأفكار التآلف ذهنياُ وعقلياً، فالمناخ فيها يختلف عن مناخات ما يجاورها من جزرٍ ويابسةٍ، وهو ما يجعلها أكثر جاذبية لمحبي الطبيعة وعوالم النبات والطيور والبيئة وهواة الصيد والسكينة.

whatsapp
أخبار ذات صلة