مجلس الوزراء يُكذِّب البرهان ورئيس السيادي يدافع في تصعيد جديد لازمة التطبيع مع إسرائيل ولقاء نتنياهو
الخرطوم “تاق برس” – صعد مجلس الوزراء السوداني موقفه تجاه الاجتماع التاريخي الذي جمع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا ، وكذَب تصريحات البرهان التي قال فيها إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أخطر بالاجتماع قبل يومين.
وقال المتحدث باسم الحكومة وزير الإعلام فيصل محمد صالح في بيان أذيع بعد منتصف ليل الأربعاء، إن مجلس الوزراء تفاجأ بتصريحات البرهان التي أطلقها ظهرا حين التقى صحفيين متحدثا بمعلومات جديدة تخالف ما قاله حين اجتمع بالوزراء لتنويرهم حول لقاء عنتيبي.
ودعا مجلس الوزراء لاجتماع طارئ بعد وقت وجيز من تصريحات البرهان ودخل في اجتماع امتد أكثر من 4 ساعات التأم بعده اجتماع بين حمدوك وتحالف قوى “الحرية والتغيير”.
وقال المتحدث باسم الحكومة ان اجتماع البرهان – نتنياهو كان مفاجئا وبناء عليه عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء الثلاثاء لمناقشة تداعياته، أعقبه لقاء بقوى الحرية والتغيير، ثم التأم اجتماع مشترك مع مجلس السيادة.
واضاف “خلال الاجتماع المشترك واللقاءات التي سبقته وتخللته، أكد رئيس مجلس السيادة أنه قام بهذه المبادرة بصفة شخصية ولم يستشر فيها أحداً، وأنه يتحمل مسؤوليتها وقال إنه فعل ذلك لاعتقاده أن في ذلك فائدة للشعب السوداني”
واشار البرهان طبقاً لبيان للمتحدث الرسمي للحكومة أن اللقاء كان استكشافياً وأنه لم يقدم خلاله أي التزام أو وعود بالتطبيع أو إقامة علاقات دبلوماسية، وأنه يترك ذلك للأجهزة المختصة لتُقرر فيه.
ولفت فيصل الى أنه وبناء على تلك التوضيحات صدر بيان ليل الثلاثاء بالتوافق على أن يتخطى الجميع المسألة ويُركّزوا على العمل المشترك من أجل تحقيق أهداف الثورة.
وأردف “لكننا فوجئنا باللقاء الصحفي الذي أجراه رئيس مجلس السيادة الأربعاء 5 فبراير 2020 بالقيادة العامة وقدم فيه إفادات مختلفة عما ذكره في اللقاء المشترك”.
وأشار فيصل الى ضرورة التأكيد على أن رئيس الوزراء “لم يكن على علم بزيارة رئيس مجلس السيادة إلى عنتبي ولقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي، ولم يحدث أي إخطار أو تشاور في هذا الأمر”.
وكان البرهان أكد لدى لقائه عدد من الصحفيين بالخرطوم الاربعاء أنه أبلغ رئيس الوزراء باجتماع أوغندا قبل 48 ساعة من الموعد وتلقى منه إشارة خضراء بالمضي فيه.
وجدد صالح التأكيد على أن أمر السياسة الخارجية من اختصاص الجهاز التنفيذي، وأنه جرى اتفاق على الرجوع للوثيقة الدستورية لتحديد الاختصاصات بدقة.
وأردف” أمر العلاقات مع إسرائيل شأن يتعدى اختصاصات الحكومة الانتقالية ذات التفويض المحدود، ويجب أن ينظر فيها الجهاز التشريعي والمؤتمر الدستوري”.
ونبه الى أن الحكومة الحالية نُمثل ثورة، حملت شعارات الحرية والسلام والعدالة، وألهمت المناضلين والتواقين للحرية والعدالة في كل أنحاء العالم، ولا يمكن أن يكون من أولوياتها في هذا الوقت “الانقلاب على شعارات الثورة والتنكر للشعوب المضطهدة والمناضلة”.
ومع ذلك أكد المجلس خلال اجتماعه الطارئ مساء الأربعاء بحسب البيان على ضرورة التركيز على التحديات الكبرى، ومنها تحقيق السلام، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، بالإضافة لتحديات التحول الديمقراطي.
وأشار فيصل الى أن المجلس وخلال عمله المشترك مع أجهزة الحكم الانتقالي يضع نصب عينيه التضحيات التي قدمها أبناء الشعب والدماء والأرواح التي أفنيت، ويحاول على الدوام التعالي على الخلافات والتعامل بروح إيجابية تسعى نحو تحقيق الأهداف الوطنية العليا.
وقال البرهان في تنوير لقيادات المؤسسات الإعلامية في البلاد، “أخطرت حمدوك قبل 48 ساعة من زيارة أوغندا ولقاء نتنياهو، ورد على بالقول Go Ahead”.
ونفى وجود خلافات في مجلس السيادة، بسبب زيارته إلى أوغندا، ولقاء نتنياهو، خاصة وأن بيانه الصادر ليل الثلاثاء صاغه أعضاء من السيادي والوزراء.
ولفت إلى أن خطوة لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي جاءت بمبادرة شخصية منه، لفتح الأبواب المغلقة في وجه السودان، خاصة وأن الشعارات القديمة “لا توفر الخبز والوقود”.
وأضاف، “التقيت نتنياهو ساعتين في اجتماع رسمي، و3 ساعات قبل اللقاء الرسمي وسألته عن الذي يقدمونه للسودان، وأن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، اتصل بعدها وأكد أن الخطوة لديها ما بعدها وفيها خير كثير للسودان”.
وشدد على أن خطوته بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، تمثل سندا كبيرا للأمن القومي السوداني، خاصة وأن البلاد تعاني من الحظر الاقتصادي الأميركي، وموضوعة على لائحة الدول الراعية للإرهاب.
وأوضح أن الحوار مع الجانب الإسرائيلي إذا سار إلى الأمام، فإن اللمسات النهائية ستكون من اختصاص الأجهزة التنفيذية والتشريعية في البلاد.
ونوَّه البرهان إلى أنهم مع القضية الفلسطينية ونصرتها، وبإمكانهم المساعدة في الحل.
ونفى أن البرهان أن يكون لقائه نتنياهو تمهيد لاستيلاء الجيش على السلطة، وأضاف، “لن امكث ساعة بعد انقضاء مدتي، ولا يوجد عسكري يطمع في السلطة، ولن نختطف ثورة الشعب، وهذا موقفنا الأخلاقي وسنحمي الوثيقة الدستورية”.
وأضاف، “القوات المسلحة هي التي ستحمي الديمقراطية وليس الانقلاب عليها”.
وأكد البرهان أن بعض شركات الطيران بدأت عبور الأجواء السودانية منذ أشهر في طريقها إلى إسرائيل، واتفقنا خلال اللقاء مع نتناهو على عبور شركات الطيران العالمية إلى تل أبيب عدا طيران “العال” الإسرائيلي.
وكانت القوات المسلحة باركت في بيان مقتضب عقب اجتماع البرهان الى قادة الجيش اجتماع عنتيبي الذي ضم القائد العام للقوات المسلحة برئيس وزراء اسرائيل.
وأشار المتحدث باسم الجيش الى أنه جرى التأمين على الاجتماع ومخرجاته “بما يحقق المصلحة العليا للأمن الوطني”.
وقال المتحدث عامر محمد الحسن، في مؤتمر صحفي، إن البرهان أكد خلال اجتماع تنويري لقيادات الجيش، إن لقائه مع نتنياهو تم بقناعته الشخصية لأهمية طرق كافة الأبواب من أجل مصلحة الشعب السوداني والنهوض بالدولة، وأن الشعب السوداني سيجني نتائج اللقاء قريبا”.
وأكد أن البرهان ذكر أن اللقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، يأتي في إطار المصلحة العليا للسودان، ومن موقع المسؤولية عن أمن البلاد وتحقيق مصالح الشعب.
وأشار إلى أن البرهان، أكد أن قوى الحرية والتغيير غير معترضة على الخطوة، بل على عدم مشاورتها قبل الذهاب إلى أوغندا.
وتابع، “البرهان أكد على ذلك في كثير من تصريحاته أن الهم الأول للعسكريين الآن هو تسليم السلطة بموجب ما اتفق عليه في الوثيقة الدستورية للشعب مع بقية المكونات الأخرى المشتركة في الحكومة الآن لتحقيق أهداف الفترة الانتقالية والوصول إلى المؤتمر الدستوري وانتخابات حرة ونزيهة، وتسليم السلطة لمن يختاره الشعب”.
وقال إن البرهان أمِّن أيضا على أن الدواعي التي جعلت اللقاء يتم في أوغندا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي هي الإحساس بالمصلحة الوطنية العليا وما يواجهه السودان من أخطار دولية تحتاج فعلا إلى هذه الخطوة الجريئة.
ونقل الحسن عن البرهان قوله، إن” السودان يعمل من أجل مصالحه، دون التعارض مع عدالة القضية الفلسطينية، وأضاف أن “الاتصالات مع نتنياهو وبومبيو بدأت منذ ثلاثة أشهر وطرحنا فيها ما يستفيد منه السودان”.
وتابع “لنا الحق في العيش ضمن المنظومة الدولية مثل الآخرين ولن يمنعنا أحد من السير في هذا الطريق”، مشيرا إلى عزمه تشكيل لجنة من مجلسي السيادة والوزراء لدراسة مزايا وعيوب العلاقة مع إسرائيل.
وحول علاقات السودان بالسلطة الفلسطينية، قال “لم نتصل بالسلطة الفلسطينية ولم يتصلوا بنا، والسلطة نفسها معترفة بإسرائيل”، معتبرا أن قرب السودان من إسرائيل قد يكون مفيدا في “مساعدة الفلسطينيين على حل مشاكلهم”.
وفيما يتعلق بملف الإرهاب، أكد البرهان أنه لم يطلب من نتنياهو رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.