نبض للوطن : أحمد يوسف التاي .. غرس أيديكم!!..

310

(1)
الحقيقة التي يراها الناس رأي العين ولا تحتمل الجدال والمغالطات هي أن أكثر من 90% تقريباً من مشكلات السودان السياسية والإقتصادية والأمنية الحالية هي حصاد السياسات الخاطئة التي غرسها نظام الإنقاذ المخلوع في الساحة السياسية، ولهذا فليس من حق أي من ينتمي للعهد المُباد أن ينبس ببنت شفة في نقد هذه الأوضاع ليس لأنها على مايُرام فهي بائسة سيئة، بل لأن هذه الأوضاع التي ينتقدونها اليوم هي حصاد زرعهم الذي غرسته أيديهم، ولأنهم أمسكوا عن نقد هذه السياسات الخاطئة بل وقد كانوا عنها صُماً وعُمياناً في أحسن الأحوال، وبعضهم روّج لها…فما يجري الآن على الأصعدة الأمنية والسياسية والإقتصادية هو محصول ثلاثة عقود من الزمان، فهو حصاد العهد المباد، وليس غرس الثورة…
(2)
فعلى الصعيد السياسي عمد نظام الإنقاذ على إضعاف القوى السياسية الفاعلة في الساحة وعمل على تشظيتها وانقسامها واعتمد في ذلك على إغراء بعض القيادات بالمال والسلطة والمناصب، ونتيجة لهذه الخُطة الشيطانية انسلخت مجموعات من الأحزاب التقليدية الفاعلة في الساحة وأنشأت أحزاب موازية لها واستحوذت حتى على أسمائها ، فازدحمت الساحة السياسية بأعداد كبيرة من المجموعات الصغيرة المنشقة التي سجلت نفسها كأحزاب، وفتح نظام المؤتمر الوطني الباب أمام المجموعات الإنتهازية الأخرى للتسجيل بلا مقدرات ولا مؤهلات ولاخبرات سياسية مما تسبب في هشاشة الحركة السياسية السودانية وإضعافها، وطبقاً لذلك تدنى مستوى الأداء السياسي إلى الحضيض ، ورأينا رؤساء أحزاب نكرات لايعرفهم حتى جيرانهم في الحي استأجرت لهم الإنقاذ دور لـ “أحزابهم” النكرة فتحولت تلك الأحزاب إلى “مقطورات” تسبح بحمد المؤتمر الوطني ونظامه تتبعه كظله وتصطف وتصلي خلفه وإن صلى بلا وضوء تجد لافتاتها القماشية يحملها صبية في مواسم “النفرات” والإصطفاف والهتاف ، وتستجلب الحلاقيم الكبيرة لأجل التهليل والتكبير الكذوب.
(3)
وكنتيجة طبيعية لإضعاف الأحزاب التقليدية التي كانت بوتقة للإنصهار والتمازج القبلي والوحدة الوطنية في أبهى صوَّرها، انفرط العقد الناظم ـ بعد تقليم أظافرها وقصقصة أجنحتها ـ فتناثرت حبات ذلك العقد الفريد بتنوعها الحبيب وأشكالها المختلفةوألوانها الجميلة، فخرجت إلى الساحة الحركات المسلحة، والكيانات المطلبية، والأجسام ذات النزعة الإستقلالية والإنفصالية والتي كانت تحتويها تلك الأحزاب التقليدية، ذلك الغرس نحصد ثماره المرة الآن على صعيد المشكلة الأمنية الحالية، وفضلاً عن كل ذلك عمّق نظام المؤتمر الوطني القبلية والجهوية من خلال سياسات رعناء جعلت الموازنات القبلية والترضيات الجهوية ضمن معايير التوزير وشغُل المناصب الدستورية بالدولة، وجعلت كل القبائل تتسابق في مضمار “البيعة” لرئيس المؤتمر الوطني ، أو أمين التنظيم الذي جعلوا منه أميراً للمؤمنين تنعقد عليه بيعة المسلمين، وتحول الحكم الفيدرالي إلى مهدد أمني…
(4)
أما كون الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي نعيشها اليوم هي من صنع سياسات المؤتمر الوطني ونظامه المستبد فتلك حقيقة لايختلف عليها إثنان ، فالضائقة المعيشية وانفلات الأسعار والمضاربات والتهريب والتجنيب ومشاكل الوقود والسيولة لم تبدأ بعد أبريل 2019 ،فكلها كانت أعراض لمرض استشرى بعد عشرة سنوات من حكم الإنقاذ ، وبلغ مداه بعد العام 2011 عقب انفصال الجنوب..أعود وأقول أن أكثر من 90% تقريباً من مشكلات السودان السياسية والإقتصادية والأمنية الحالية هي حصاد السياسات الخاطئة التي غرسها نظام الإنقاذ المخلوع في الساحة السياسية، فلِمَ العويل وكأن السودان قبل أبريل كان جنة الله في الأرض.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة

whatsapp
أخبار ذات صلة