يسرية محمد الحسن تكتب.. حين زارني السعودي !!
كنت بسن صغيرة حين التحقت بالعمل بالإذاعة السودانية جل زميلاتي أيضاً كن صغيرات (عمر الزهور) الكلام ده في الثمانينات وجلهن يرتدين الثياب البيضاء عدا. انا. و( لولا) الصغيره ! لولا. او ليلي عوض كانت تدرس في اولي ثانوي حين شاهدها ابو الاذاعيين الفخيم محمود ابو العزايم وهي تقدم فقرات برنامج الدورة المدرسية طفلة ( لهلوبة) ذات صوت طفولي جميل ورنان. فكان ان طلب ابو العزائم من والد ليلي ان تنضم الى الاذاعة كمتعاونة حتى تكبر وتصقل موهبتها.
فهي (فلته) كما وصفها وقد.كان ولم يخب ظن الجميع فيها. صالحين وقبيل مغادرته كرسي الادارة بالاذاعة نادي عليّ ذات صباح ليخبرني انه سيهديني ثوبا ابيضا. وفرحت جدا. وكان اول ثوب ارتديه في حياتي كان زملائي حين ارتديت الثوب يمازحونني ( يا دااب كده بقيتي سودانية) ناقصاك شلوخ بنات نوري ! اضحك ممازحة .لا. الا دي ! كنت الوحيدة في عائلتي التي ترتدي الثوب. والدتي المصرية ترتدي ال (بالطو) وطرحه شيفون على الراس جدتي لامي كذلك. اخواتي وخالاتي جميعهن يرتدين فساتين فقط انا وسطهن ( سودانية ميه مية) لونا وشكلا ومظهرا.
كانت لامي شقيقة تزوجها دبلوماسي سعودي كان ضمن طاقم سفارة بلاده بالخرطوم وقيل لنا وقتها ان زواج السعوديين من اجنبيات يتطلب اذنا من قياده بلادهم. وقد كان وتم الزواج وفي ليله العرس جاء العريس السعودي يلبس (الدشداشة) والعباءة والقطرة وكانت ليلة عرس على الطريقة المصرية بالدفوف والزغاريد والزفة الشهيرة.
بعد ان اكمل السيد عبد الرحمن الكندي. زوج خالتنا مدته المقرره بسفاره بلاده بالخرطوم غادرها مع عروسه الى محطات متعدده اخرى ليحط رحاله بعد مضي مايقارب الثلاثين عاما في الرياض بالمملكة العربية السعودية وكانت ان انجبت خالتي نادية للكندي بنين وبنات كبروا جميعهم وتعلموا ووصلوا مراتب عليا بالمملكة ومن اولادها ( هتان ) بطل العالم والمملكة في لعبة ( الكاراتيه ) والحائز على الحزام الاسود ( دان. 7 ) بعد ان تسبب بضربه قويه منه في كسر ( ركبه ) خصمه في البطولة النهائية على الكأس العالمي لتنتهي المباراه بفوزه بالضربة القاضية !
هتان البطل السعودي ابن خالتي شديد بياض الوجه. عالي المنكبين طويل القامة شديد (الوسامة) وحيث انني الاقرب لخالتي ناديه ومنذ صغري فقد.كانت شديدة التعلق بي حتى بعد عودتها من شهر العسل ومكوثها في منزل زوجها بالعمارات. اخذتني الي بيتها وبعد اسفارها الطويلة متنقلة مع زوجها الى بلاد العالم كانت تبعث في طلبي لاقضي معها الاجازات . كنت ذات صباح بمكتب المذيعيين بالاذاعه. رن الهاتف الداخلي ابلغني موظف الاستقبال ان ضيفا. عربيا يطلب مقابلتي احترت بشدة من ذا الضيف العربي الذي يطلبني وانالا اعرف احدا غير ابناء وطني ؟ . ذهبت الى غرفة استقبال الاذاعة اقدم رجلا وأأخر الاخرى فاذا بي افاجأ بان العربي لم يكن الا ابن خالتي هتان.بطل العالم في الكاراتيه وقتذاك وما ان ابصرني حتى اقبل علي كعادته محتضنني ومقبل راسي ويدي في حنو بالغ وادب جم وسط حيره واندهاش كل من كانوا بالمكان وقتها وعلامات الاستنكار واضحة ومرسومة على وجوه الكل اخذ هتان يتحدث الي بلهجة بلادهم فجذبته من يده ودخلنا الى حوش الاذاعه وما ان خطونا خطوات. قليلة حتي خيل الي ان الاذاعه لم يبق بداخلها فرد واحد. كلهم اتوا ليروا. ( الضيف) السعودي الغريب. يسير معي بل ويضاحكني ويده ويدي متشابكتان !! كيف لا تكون هذه الحيرة والاندهاشة التي تعلو الوجوه. وضيفي شديد بياض الوجه واليدين ويلبس دشداشة وقطرة ويحمل مسبحة صغيرة في يده وفي اصبعه الصغير خاتما من الماس الطبيعي(يبرق) كبرق السماء حين يحرك يده ( اعتقد انه قال لي يوما انه هديه من وزير الرياضة السعودي بعد احرازه بطولة العالم في الكاراتيه فضلا عن ( مسدس) من الذهب الخالص. مرصع بالياقوت والزمرد الحر من ضمن هداياه التي منحت له بعد فوزه الكاسح ذاك واحرازه بطولة العالم كاول عربي يحرز هذه البطولة العالمية، المسدس كان يظهر (مقبضه ) من طرف جيب الدشداشه .لم اذهب الى مكتب المذيعيين انما صحبته الى مكتب المدير العام رأسا ! وقصصت الامر على الاستاذ محمد سليمان بشير ( دنيا دبنقا) فقد خلف صالحين في اداره هنا ام درمان ولعلمه ومعرفته باسرتي وخالتي نادية التي كانت تزوره معي وتجلب له من الهدايا اغلاها وافخمها، رحب بنجلها ايما ترحيب باسطا يداه بكرم حاتمي ملقيا علي عتابا رقيقا ( يعني كنتي عاوزه كيف ناس الاذاعه يصدقوا. انه. هتان اخوكي ابن خالتك وانتي شايقيه سمراء وهو مكاوي قشطه بلبن. من بلاد الحرمين )؟؟! ضحكنا. وضحك هتان وطفق يشرح للاستاذ نسبه وعائله الكندي الشهيرة بالمملكة العربية السعودية.. انتهى وقت مقابلة المدير ولكني وقبل ان اغادر بصحبه هتان. اخذت منه وعدا مغلظا بشهادة محمد سليمان. الا يزورني مرة اخرى بالاذاعة !..