الطاهر ساتي.. حُلم الشرق!

124

إن لم يكن لميناء أبوعمامة جدوى للسودان غير توصيل مياه النيل إلى مدن و قرى البحر الأحمر، فان هذا يكفى .. أزمة المياه هي أم الأزمات في البحر الأحمر، ومع ذلك هي غير موضوعة في أجندة (نخب المركز) .. ومد البحر الأحمر بمياه النيل ، وهو مشروع مصاحب لمشروع ميناء ابوعمامة،  ليس مجرد مشروع خدمي ، بل هو خدمي و ( استراتيجي)، إن كانت المسماة بالنخب السودانية تعرف معنى الاستراتيجيات..  !!

ولو كانت النخب السياسية تعرف معنى الاستراتيجيات، فان مد أهل الشرق بأنابيب مياه النيل كان يجب مشروعاً من مشاريع الوحدة الوطنية.. فالجنوب لم ينفصل بإردة وإستفتاء أهله، بل بفشل وعجز النخب السودانية عن تقوية الوحدة الوطنية بالمشاريع الإستراتيجية، كأن يكون بين مدن الشمال والجنوب شبكات الطرق و السكك الحديدية و النقل النهري و خطوط الطيران وغيرها من وسائل التواصل و عوامل الإتصهار و المصادرة ..!!

وكما حال الشرق اليوم، فالجنوب كان مفصولاً بمعاول النخب الفاشلةً، و ما كانت نتيجة الإستفتاء إلا تأكيداَ لذاك الانفصال، وهذا ما سيحدث للشرق في حال أن يحظى بحق تقرير المصير، أي سوف يغادر الوطن بلسان حال قائل : ( إن كان وطناً ويحرمني المياه، فلما الوطن ؟)، ثم بصبح وطناً ثالثاً ..وقبل أن يجاور السودان دولة على الساحل، فعلى العقلاء إسكات الجهلاء ثم دعم كل مشاريع الاستقرار بالشرق، وعلى النظار والعمد والشيوخ أن يعضوا على هذه المشاريع الكبرى بالتواجذ..!!

ولأن الذكرى تنفع، نذكركم باحدى المواجع، وهو مشروع مد البحر الأحمر بمياه النيل، وترقينا تحقيقاً في هذا الملف، ولكن حكومة النشطاء شغلتها الصغائر و الغبائن، وليس الاستراتيجيات.. فالدراسة جاهزة، بميزانية قدرها ( 450 مليون دولار)، مع فترة تنفيذ لا تتجاوز (18 شهراً).. و مبلغ الميزانية كان يجب أن يكون (قرضاً صينياً)، فالشركة المنفذة كانت هي ذات الشركة الممولة..!!

 و دفعت الحكومة( 47 مليون دولار) عند التوقيع على عقد التنفيذ في مارس 2011.. وبعد دفع المقدم، تم التصميم الهندسي للمشروع، و إنشاء معسكرات العمالة، و تم جلب المعدات و الآليات، و شراء الساقية التي تضخ منها المياه بنهر النيل، أوهكذا أثبتت الشركة جديتها ..ثم طالبت وزارة المالية بخطاب ضمان يحفظ حقوقها..وتلكأت المالية في إصدار خطاب الضمان بأعذار واهية، ثم رفضت متأثرة بصراع مراكز قوى مركزية ..!!

وغادرت الشركة الصينية بأموال الناس المدفوعة مقدماً، ثم لحقتها حكومة البشير.. ولم تفتح حكومة النشطاء ملف القضية، و لم تسأل المسؤولين عن الخسائر، ولم تتكلم عن الشرق إلا بما يخدم المسار و ليس  الناس والبلد، وهكذا دائماً (نخب المركز)، فالشرق عندها مجرد ( ملحق سياسي)، وليس مشروع وطن .. وعلى كل ،  إن لم يكن لميناء أبوعمامة نفعاً لأهل الشرق غير تحقيق الحلم الاستراتيجي ( مياه النيل)، فهذا يكفي، فعضوا عليه بالنواجذ ..!!

Alyoumaltali.net

whatsapp
أخبار ذات صلة