رموز شامخة.. سيدة ميرغني قنديل عثمان.. أول امرأة سودانية تعمل ضابط مطار
توثيق: طيران بلدنا
في زمنٍ لم يكن للمرأة فيه موطئ قدم في مواقع العمل الفنية والميدانية بمؤسسات الطيران، شقّت سيدة ميرغني قنديل عثمان طريقها بثبات، لتصبح أول امرأة سودانية تعمل فعليًا كضابط مطار، متجاوزة بذلك حاجزًا ظل قائمًا لعقود طويلة في بيئة يغلب عليها الطابع الذكوري.
– بداية المشوار
ولدت سيدة ميرغني في مدينة ود مدني عام 1957، وفي عام 1977 التحقت بالعمل في الطيران المدني السوداني، وتحديدًا في قسم الاستعلامات الجوية، حيث عملت حتى عام 1983، مكتسبة خبرة أولى في التعامل مع جمهور المسافرين والمستفسرين عن حركة الملاحة الجوية.
بعد حصولها على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة – فرع الخرطوم عام 1981، انتقلت للعمل في إدارة العمليات الجوية بوظيفة مساعد مفتش طيران، لتواصل صعودها المهني بثقة وكفاءة.
وفي عام 1984، نُقلت إلى إدارة النقل الجوي، حيث شغلت وظيفة مفتش النقل الجوي، مما أتاح لها الإلمام بالجوانب التنظيمية والرقابية لنشاط شركات الطيران.
– أول امرأة تعمل كضابط مطار في السودان
في عام 1995، وبتشجيع من زميلها محمد عثمان عوض، استطاعت ان تنال دبلوم إدارة المطارات في المعهد القومي للطيران المدني، وقد مهّد لها هذا الإنجاز الأكاديمي الطريق لتتولى موقعًا غير مسبوق لامرأة في السودان: ضابط مطار.
وفي هذا المنصب الميداني الحساس، أصبحت أول امرأة سودانية تؤدي فعليًا مهام ضابط مطار في مطار الخرطوم الدولي، حيث تابعت عمليات الهبوط والإقلاع، وأشرفت على التنسيق الميداني بين الجهات المختلفة داخل ساحة المطار، متجاوزة كافة التحديات المهنية والأنماط المجتمعية.
ورغم تأهيل عدد من النساء لاحقًا في هذا المجال، إلا أن أيًّا منهن لم تمارس هذا الدور ميدانيًا حتى اليوم، مما يجعل تجربة سيدة قنديل تجربة استثنائية وفريدة في تاريخ الطيران المدني السوداني والعربي.
– استقالة.. ثم عودة وختام
في عام 1996، قدمت استقالتها لأسباب أسرية، بعد أن كانت قد فتحت بابًا غير مسبوق للمرأة السودانية. وبرغم انسحابها المبكر من الميدان، ظل اسمها علامة فارقة ومصدر إلهام.
وفي عام 2021، عادت إلى العمل في الطيران المدني لفترة قصيرة، أضافت خلالها لمسة رمزية أخيرة، قبل أن تُحال إلى التقاعد الرسمي في نهاية العام نفسه، بعد مسيرة امتدت على مدى أربعة عقود.
– إرث نسائي رائد
تبقى سيدة ميرغني قنديل عثمان رمزًا من رموز تمكين المرأة، ليس فقط لأنها أول من التحقت بمهنة ضابط مطار، بل لأنها كانت أول من مارس مهامها الميدانية كاملةً على أرض المدرج.
هي تجربة من طراز خاص، ستظل محفورة في ذاكرة المؤسسة، وستلهم كل فتاة سودانية ألا شيء مستحيل متى ما توفرت الإرادة.