ما نُهب بالقوة لا يُسترد إلا “بالعمل الجاد”

50

كتب- عاطف حسن يوسف

حين تُنهب الثروات وتضيع الممتلكات.. يدخل الناس في دوامة من الإحباط واليأس.. ويشعرون وكأنهم فقدوا كل شيء.. يغمرهم الحزن على ما مضى.. ويقفون عند أطلال ما كان.. وكأن الحاضر والمستقبل قد أُغلقا في وجوههم..

 

لكن الحقيقة الكبرى التي ينبغي أن نستحضرها دائماً.. هي أن الثروة الحقيقية لم تُسلب.. لأن الثروات الحقيقية ليست تلك المخزونة في البنوك أو المخفية تحت الأرض.. بل هي تلك المغروسة فينا.. في عقولنا التي منحنا الله إياها.. وفي قدرتنا على التخطيط.. والعمل الجاد.. والابتكار.. والإصرار على الحياة..

 

نعم.. فقدنا الكثير.. لكننا لم نفقد القدرة على النهوض.. فما دام العقل ينبض.. والقلب ينبعث منه الأمل.. فإن الانطلاقة ممكنة.. لقد منّ الله علينا بعقول تفكر.. وتخطط.. وتتعلم من الأخطاء.. وهذا هو الرأسمال الأول لأي أمة تريد أن تعيد بناء نفسها من تحت الركام..

 

هذه هي البداية الحقيقية لأي نهضة.. أن نؤمن بأن الإنسان هو أساس كل بناء.. وأن التنمية تبدأ حين يتحول الألم إلى دافع.. والحرمان إلى تصميم.. والانكسار إلى عزيمة.. فلا تنهض الأمم بالشعارات.. بل تنهض بالإيمان بالذات.. وبالعمل المستمر الذي لا يعرف التراجع..

 

تنمية القدرات البشرية هي بوابة الاسترداد الحقيقي.. وقد أثبت التاريخ أن الدول التي خرجت من تحت الأنقاض.. مثل سنغافورة.. وكوريا الجنوبية.. ورواندا.. لم تنهض إلا حين ركزت على التعليم.. وتأهيل الإنسان.. وغرس روح المبادرة والعمل.. لم تنتظر معجزة.. بل صارت هي المعجزة.. أعادت تشكيل وعيها.. وكتبت قصتها من جديد.. لا بالحبر.. بل بالعرق والدموع..

 

وهنا.. لا بد أن أُسجّل شكري وامتناني للباشمهندس يوسف محمد أحمد “الجعلي”.. حين لفت نظري في محاضرة قدمها للمفكر ستيفن آر كوفيه.. والذي شدد في كتبه.. خاصة “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية”.. على أن الإنجاز يبدأ من الداخل.. من تجاوز الإنسان لعجزه الذاتي.. ومن قدرته على تحويل المحن إلى فرص.. هذا المفهوم العميق هو جوهر الفلسفة التي نحتاجها اليوم.. أن نبدأ بإصلاح الفرد.. لأن الفرد هو البذرة.. وإذا صلحت البذرة.. صلح الحقل كله..

 

ومن هنا تأتي أهمية التخطيط!!.. فلا خروج من الإحباط.. ولا استعادة لما سُلب.. من دون خطط واضحة تبدأ من الفرد وتمتد إلى المجتمع والدولة.. فالفوضى لا تنتج إلا العجز.. أما التخطيط فهو الذي يحوّل الرؤية إلى واقع.. والطموح إلى إنجاز..

 

علينا أن نوقن أن ما نُهب بالقوة لا يُسترد بالبكاء ولا بالعجز.. بل بالعمل الجاد.. والعقل المنظّم.. والإرادة التي لا تنكسر.. فالثروات المادية تذهب وتعود.. لكن الثروة الأعظم هي الإنسان نفسه.. وإذا وُجد الإنسان القادر على التفكير والتخطيط والتنفيذ.. فإن كل ما فُقد يمكن أن يُستعاد.. وربما يُبنى من جديد.. بشكل أبهى وأقوى..

 

إنها دعوة لإعادة بناء الذات قبل الوطن.. ولإشعال جذوة الأمل في القلب قبل أن ننتظر من يضيء لنا الطريق..

 

كونوا بخير ،،،

 

Atif Hassan

whatsapp