هاجر سليمان تكتب عن “الخونة” و”الشرفاء” بين سياسة الكيل بمكيالين و”صكوك الغفران”

78

(الخونة) و(الشرفاء) بين سياسة الكيل بمكيالين و(صكوك الغفران)

هاجر سليمان

تعجبت كثيرًا لبلاد تعقد مؤتمرًا صحفيًا لأخطر ثلاثة محامين من عناصر الميليشيا ببورتسودان وتحتضنهم وتعفو عنهم، في وقت سجلوا فيه اعترافات في مؤتمر صحفي بمحاكمتهم لتسعة آلاف من الأبرياء والتسبب في إزهاق أرواح أعداد ضخمة منهم.

 

كان ينبغي أن تحال اعترافاتهم للمحكمة ويحاكموا كخونة خانوا وطنهم واصطفوا مع الميليشيا. هؤلاء لا تليق بهم سوى تهم الخيانة العظمى والقتل العمد وغيرها من التهم الخطرة.

لكن للأسف رغم سجلاتهم الحافلة بالنتانة والقذارة إلا أن الدولة وبهدوء وضعت يدها في أيديهم.. كسبت جانبهم وخسرت جانب الشعب.

 

خائن آخر كان قائدًا للمليشيا بشرق النيل، وقبلها كان عميلًا إسرائيليًا، وإبان الحرب قام بتنفيذ أكبر عمليات نهب استهدفت بنوك شهيرة بالخرطوم، وعاد محملًا بجوالات النقود. واليوم سمعنا أنه ذهب وسلم نفسه في بورتسودان ووجد ترحابًا من الدولة وعفوًا ما كان ينبغي أن يجده عقب كل الانتهاكات التي ارتكبها في حق الشعب.

نقيبة المعلمين سلافة النور عقب اندلاع الحرب وقبل أن تكمل الحرب أسبوعها الأول طردتها الميليشيا من منزلها وقامت بنهبه، وفرت هي إلى الولايات الأخرى قبل أن تغادر البلاد شأنها شأن الكثيرين واستقرت بإحدى الدول. وبعد توقف الحرب قررت العودة، ولكنها اكتشفت بأن منزلها قد صودر بحجة أنها تتبع للميليشيا.

 

فما هو الفرق بين من تمت محاكمتهم كخونة وبين سلافة النور؟! هل تستوي سلافة النور وهي التي لم ترشد عن منزل نظامي ولم تسرق منزلًا ولم تتسبب في قتل بريء، مع أولئك الذين أزهقوا الأرواح وأذاقونا أصنافًا من العذاب ونهبوا وقتلوا وأرشدوا وتعاونوا؟

 

وهل تتساوى سلافة مع ذلك القائد الذي نهب بنك السودان وتخابر مع الميليشيا؟

 

ما يحدث لا يمكن وصفه إلا بأنه تجسيد لسياسة الكيل بمكيالين، وهو أمر لا ينبغي أن يحدث.

وإن أرادت الحكومة تحقيق عدالة حقًا، فقبل أن تحاكم سلافة يجب أن تحاكم المحامين الثلاثة، ويجب أن يتم حصر البلاغات التي قاموا بمحاكمتها والوقوف على ضحاياهم الذين لقوا حتفهم.

 

نطالب بفتح ملف المشنقة التي كانت بمكتب المحامين بالمحكمة، وعدد الذين أعدموا فيها بقرارات وأحكام من محكمتهم المزعومة. ثم يجب محاكمة لص البنوك وإجباره على استرداد كل الأموال التي سرقها قبل أن يحاكم.

 

السياسات “الأوريانوسية” وأسلوب الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى لا يرقى لأن يطبق في السودان، وبعد كل ما شهده الشعب من مجازر وانتهاكات ارتكبتها الميليشيا في حق الشعب وما زالت ترتكبها وتقوم بتوثيقها بنفسها.

 

لذلك نحن نتساءل عمن يملك الجنة وبطرفه مفاتيح جهنم، ويقوم بإصدار (صكوك الغفران) لهؤلاء الخونة والعملاء، ويحرم الآخرين من ذات الحق؟!

whatsapp
أخبار ذات صلة