بري تختنق بالكلور.. كارثة صامتة جعلت الأرواح على كف عفريت والسلطات تتدخل

41

متابعات- تاق برس- لم يكن سكان بري اللاماب شرقي الخرطوم يتوقعون أن تتحول أمطار أغسطس الغزيرة إلى شرارة لكارثة صحية كادت أن تودي بحياتهم. ففي لحظة، غطت أبخرة خانقة سماء الحي، وتحوّل الهواء إلى غاز سام بعد تسرب مادة الكلور من مخزن كيميائي ظل مهملًا منذ أشهر.

 

بداية الحادثة

 

القصة بدأت حينما داهمت مياه الأمطار مخزنًا يعود لأحد المواطنين، يحتوي على مادة الكلور الحبيبية البيضاء التي تُستخدم عادة في تعقيم المسابح. لكن العبث الذي مارسته قوات الدعم السريع بالمخزن خلال فترة سيطرتها على المنطقة حوّل محتوياته إلى قنبلة موقوتة. فالدعم السريع– بحسب التحريات – قامت بتفريغ البراميل لاستخدامها في تخزين الوقود والمياه، وهو ما جعل المادة مكشوفة وعرضة للتفاعل مع أي مؤثر خارجي.

 

 

ليلة الاختناق

 

مع تساقط المطر، تسللت المياه إلى المخزن لتبدأ عملية تفاعل خطيرة. تصاعدت الأبخرة الكثيفة لتغطي الشوارع المحيطة، وبدأ الأهالي يستنشقون غازًا سامًا نفّاذ الرائحة. في تلك الليلة، لم يكن المشهد عاديًا حيث أمهات يحملن أطفالًا يتنفسن بصعوبة ورجال يسقطون أرضًا بعد أن ضاق صدرهم وأصوات استغاثة تتعالى في الأزقة المظلمة.

 

الأطباء الذين استقبلوا المصابين أكدوا أن عشرات الحالات وصلت وهي تعاني من تورم العيون، آلام حادة في الحلق، وضيق تنفس كاد أن يتسبب في وفاة البعض لولا التدخل السريع وإعطاؤهم الأوكسجين.

 

 

التدخل الفني

 

ومع تفاقم الوضع، تحرك فريق فني مشترك يضم الجهاز الوطني لحظر الأسلحة الكيميائية وشرطة الدفاع المدني إلى جانب السلطات الصحية على المستوى الاتحادي والولائي. الفريق باشر عملية معقدة للتخلص من بقايا المادة السامة وتأمين المنطقة، ما أنقذ بري من كارثة محققة.

 

 

الجدل مستمر

في 4 سبتمبر، حاولت غرفة طوارئ البراري تهدئة المخاوف بنفيها وقوع انفجار جديد لمخزن كيميائي، لكنها اعترفت في المقابل بأن وجود الكلور في المنطقة أمر قديم يعود لفترة سيطرة الدعم السريع، وهو ما جعل السكان يتساءلون: كم من هذه المخازن ما زال مدفونًا وسط الأحياء؟ وهل تملك السلطات خطة شاملة لإزالة خطر المواد الكيميائية من المناطق السكنية؟

 

 

-كارثة مؤجلة

 

رغم انتهاء الأزمة الحالية، إلا أن كثيرين يرون أن ما حدث في بري ليس سوى جرس إنذار. فالمدينة، التي تعاني أصلًا من أزمات متلاحقة، وجدت نفسها فجأة في مواجهة سلاح صامت لا يُرى بالعين لكنه يخنق الأنفاس. وبينما تنشغل السلطات بعمليات احتواء آنية، يخشى المواطنون أن تكون هناك مخازن أخرى في مختلف أنحاء الخرطوم تنتظر لحظة مشابهة لتتحول إلى مأساة جديدة.

whatsapp
أخبار ذات صلة