طريق الصادرات.. من شريان للحياة إلى مقبرة مفتوحة مد البصر لآلاف الجثث

56

تاق برس- تقرير خاص

تحوّل طريق الصادرات الرابط بين الخرطوم وبارا والأبيض – والذي كان يوماً ما شرياناً تجارياً وحيوياً لولاية شمال كردفان – إلى ما يشبه مقبرة جماعية ممتدة على طول يقارب 200 كيلومتر، حيث تنتشر آلاف الجثث على جانبي الطريق في مشهد يختصر عمق الأزمة السودانية.

 

طريق الصادرات.. من شريان للحياة إلى مقبرة مفتوحة مد البصر لآلاف الجثث

 

القيادي في المقاومة الشعبية الناجي مصطفى، وصف الوضع بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، مؤكداً وجود ما يزيد عن سبعة آلاف جثة لضحايا الحرب ملقاة على يمين وشمال الطريق، بينهم نساء وأطفال، بعضهم قضوا بسبب العطش والجوع في الصحراء القاسية. وأوضح أن وزارة الصحة بالتعاون مع الهلال الأحمر السوداني قامت بتغطية الجثث بأكياس طبية للحد من التلوث البيئي، ونقل عدد منها من وسط الطريق إلى جانبيه.

 

– الهلال الأحمر: أكثر من 4500 جثة منتشلة

 

من جهته، أعلن الهلال الأحمر السوداني أن فرقه الميدانية نجحت في رفع أكثر من 4500 جثة من الطريق خلال الأسابيع الماضية، في واحدة من أضخم عمليات الاستجابة الإنسانية منذ اندلاع النزاع.

 

 

طريق الصادرات.. من شريان للحياة إلى مقبرة مفتوحة مد البصر لآلاف الجثث

وقالت مصادر مطلعة إن عملية انتشال الجثث تمت بطريق الصادرات الغربي الرابط بين مدينتي أم درمان والأبيض.

 

وأفادت المصادر بأن عناصر “الدعم السريع” قتلوا في وقت سابق نتيجة الضربات الجوية عبر الطيران الحربي والمسير للجيش السوداني على مواقعهم وارتكازاتهم بمناطق شمال كردفان المجاورة لولاية الخرطوم.

 

وبحسب مسؤولي الهلال الأحمر، فإن تراكم الجثث كان يشكل خطرا بيئيا وصحيا بالغا على المجتمعات المحلية والمارة.

 

وأكدت المنظمة أن العملية جرت وسط ظروف بالغة الصعوبة، نظراً لطبيعة المنطقة الصحراوية وغياب الموارد الأساسية، مشيرة إلى أن الهدف الأول كان حماية السكان من المخاطر البيئية والصحية التي قد تترتب على تحلل الجثث في العراء.

 

– شهادات مروعة

 

شهادات شهود العيان توثق حجم الكارثة. فقد نُقلت مشاهد لجثث متناثرة، بعضها لنساء وأطفال، ومن بينها امرأة وُجدت جثة وهي تحتضن طفلين صغيرين فارقا الحياة معها. كما رُصدت سيارات منهوبة، بعضها يعود لمواطنين وأخرى مركبات قتالية تُركت على قارعة الطريق.

 

ويقول مصطفى إن “المأساة لم تتوقف عند القتل أو الوفاة بالعطش، بل امتدت لتشمل نزوح القرى المحيطة بالطريق، تاركة المنطقة خالية تماماً من مقومات الحياة”.

 

بين الأرقام والحقائق

 

ورغم التباين بين الرقم الذي أعلن عنه الهلال الأحمر (4500 جثة) وما كشفه د. الناجي مصطفى (أكثر من 7000 جثة)، إلا أن المؤكد أن الأعداد هائلة وتشير إلى حجم كارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة.

ويؤكد مراقبون أن هذه الفاجعة تفرض على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التحرك العاجل لتوثيق الجرائم، ومساعدة الفرق المحلية في معالجة تداعيات الكارثة، سواء من الناحية الصحية أو الإنسانية أو الحقوقية.

 

طريق الصادرات.. من شريان للحياة إلى مقبرة مفتوحة مد البصر لآلاف الجثث

 

 

كارثة تستدعي التدخل

 

ويرى ناشطون أن ما يحدث في طريق الصادرات ليس مجرد مشهد عابر للحرب، بل هو دليل دامغ على انهيار الوضع الإنساني في السودان، حيث تتداخل المعارك المسلحة مع غياب أبسط مقومات البقاء، ليتحوّل الطريق إلى رمز لمعاناة المدنيين الذين دفعوا أثماناً باهظة.

 

ويطالب الأهالي والجهات الفاعلة بضرورة فتح تحقيق دولي مستقل حول ما حدث، باعتباره “جريمة ضد الإنسانية” تتجاوز حدود النزاع المسلح إلى مستوى الانتهاكات الكبرى لحقوق الإنسان.

وقالوا إن طريق الصادرات لم يعد مجرد طريق بري يربط المدن، بل تحوّل إلى شاهد حي على مأساة إنسانية متفاقمة، أرقامها تتأرجح بين آلاف الجثث المنتشلة وتلك التي ما تزال في العراء، فيما يبقى الضحايا المدنيون هم الثمن الأكبر للحرب، وعرضة للأمراض التي تخلفها الجثث وعلى رأسها الطاعون.

whatsapp
أخبار ذات صلة