سودانيون في سجون الميليشيات الليبية (1-2)

50

للسودانيين في سجون الميليشيات الليبية قضية (1-2)

كتب – خالد الفكي سليمان

 

آلاف السودانيين يقبعون داخل سجون الميليشيات في الأراضي الليبية، وقد تجاوزت فترة اعتقال بعضهم السنوات، فيما قضى آخرون شهوراً طويلة.

 

وتتعدد أسباب الاعتقال ما بين السعي وراء حلم الهجرة نحو أوروبا، أو الوقوع ضحايا لعمليات الاحتيال المنظمة التي تنفذها عصابات الاتجار بالبشر للإيقاع بالحالمين بمستقبل أفضل لهم ولأسرهم.

 

الثابت في قضية السودانيين بسجون الميليشيات الليبية هو التعذيب والإذلال والمعاملة القذرة واللا إنسانية من قبل أفراد تلك العصابات الإجرامية الخارجة عن سلطة الدولة، أو تلك التي تتستر خلف واجهات حكومية وتمارس جرائم بحق آلاف اللاجئين والنازحين السودانيين الذين قصدوا ليبيا بحثاً عن لقمة عيش كريمة بعد أن أنهكتهم الحرب في بلادهم.

 

جمعتني الأقدار بأحد الناجين من سجون تلك المليشيات البربرية، فحدّثني عن قصص ومشاهد صادمة تصلح للإنتاج السينمائي في “هوليوود”، وسيناريوهات مفجعة بحق المحتجزين قسراً من السودانيين وغيرهم من جنسيات متعددة داخل أقبية المعتقلات.

 

هذه السجون موزعة جغرافياً بحسب أماكن نفوذ العصابات التي تُسمّي قواتها بأسماء قادتها، وبعضهم اندمج في أجهزة نظامية ويسيطر على رقعة معينة. ومحدثي ـ الذي طلب عدم ذكر اسمه أو اسم قائد الميليشيا أو موقع المعتقل حفاظاً على أرواح المحتجزين ـ أكد أن الوضع كارثي ويفوق خيال البشر من حيث سوء المعاملة وإهدار الكرامة الإنسانية.

 

دفع الفدية هو السبيل الأسرع للخروج من هذا الكابوس، فقد مكث محدثي ستة أشهر في أحد المعتقلات التي ضمّت مئات السودانيين، وتمكّن عبر تواصل أسرته في السودان من توفير مبلغ الفدية الذي فاق ملايين الجنيهات السودانية، جُمِع بشق الأنفس من الأسرة الكبيرة والأصدقاء والمعارف وفاعلي الخير.

 

أما من يعجز عن الدفع فيبقى رهينة حتى السداد، ليواجه أقسى الظروف الإنسانية من تعذيب وضرب مستمر لإجباره على التعجيل بالدفع، فضلاً عن حرمانه من الغذاء والعلاج، حيث لا يُقدَّم لهم سوى وجبة واحدة من المكرونة رديئة الطبخ وكوب ماء في اليوم، وقد تمر أيام بلا طعام. أما النوم فيكون على أكوام الأجساد المرهقة التي أنهكها الجوع والمرض، ومن الطبيعي أن يفارقك جارك في المعتقل الحياة دون أن يجد من ينقذه.

 

السفارة السودانية في ليبيا مطالَبة بالمسارعة إلى تكوين فرق لتفقد تلك المعتقلات والعمل على إطلاق سراح السودانيين المحتجزين، حيث إن كثيرين منهم لا يستطيعون التواصل مع العالم الخارجي بعد أن نُهبت مقتنياتهم بما فيها جوازات السفر والهواتف.

 

وعلى سعادة السفير السوداني الإسراع في التواصل مع أجهزة الدولة الرسمية والجماعات والقوات شبه النظامية في ليبيا لحماية أرواح وكرامة آلاف السودانيين والسودانيات الذين يعانون أقسى الظروف في رحلة الهجرة القاسية.

 

كما أن على المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية الليبية المدافعة عن حقوق الإنسان القيام بواجباتها الإنسانية والحقوقية بما يحفظ سلامة وكرامة المعتقلين، خاصة وأنهم معتقلون تعسفياً دون أي إجراءات قانونية أو محاكمات عادلة.

whatsapp