تشريد (فتيات المايقوما).. ملف خطير.. من المسؤول؟
تشريد (فتيات المايقوما).. ملف خطير.. من المسؤول؟؟؟
كتبت – هاجر سليمان
رسالةٌ مؤثرة وصلتني في بريد رسائل الواتساب، حيث قالت محدثتي إنّها وأخواتها اللائي نشأن وترعرعن في دار المايقوما أصبحن الآن بلا مأوى، بعضهن توفي أزواجهن، وبعضهن تعرضن للطلاق، وحتى اللائي أكملن ثمانية عشر عامًا أُخرجن من دار المايقوما.
قالت محدثتي والعبرة تخنقها: أين نذهب وأنا وأخواتي البنات؟ نحن ليس لدينا سوى الله وأنتِ والحكومة إن قبلت الحكومة أن تتكفل بنا.
كنت استمع للرسالة الصوتية بحزنٍ بالغ واهتمامٍ شديد، واختلطت مشاعر مختلفة بداخلي وضجت إلى أن بدأت في الكتابة والحزن يسيطر على دواخلي.
وزير الرعاية الاجتماعية صديق فريني أين أنت يا رجل من هؤلاء الإخوة الكرام؟ تلك الفئة من أبناء الدار فرطتم حتى أننا كنا نشهد مزاداتٍ علنية قامت بها الميليشيا لبيع الأطفال حديثي الولادة إبان الحرب، حيث كان من المفترض أن يكون أولئك الأطفال في مكانٍ آمن ولا نعلم من أين أتت الميليشيا بأولئك الأطفال؟
وقتها أذكر أن الميليشيا كانت تبيع الطفل الذكر بألفي جنيه، والطفلة الأنثى بأربعة آلاف جنيه، وسبحان الله! كنت مندهشة ولا أعرف من أين أتت الميليشيا بأولئك الأطفال والذين مات معظمهم بسبب عدم توفر الغذاء وتردي البيئة. تلك قصة حقيقية حدثت ولكن المصيبة الآن أن بنات الدار بعد أن أصبحت فتيات هن الآن يجُبن الخرطوم ولا يجدن سكنًا يضمهن.
سيدي وزير الرعاية، وسيدي والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، في نهاية كل يوم تذهبون وتجالسون أبناءكم، فكم هي فرحتكم وفرحة بناتكم بعودتكم. كم هو إحساسٌ جميلٌ حينما أعود للمنزل لأعانق أبي وأُقبل رأسه وأجلس اتحدث إليه، وهو شعورنا وشعور بناتكم، فكيف بشعور تلك الفئة التي منذ أن فتحوا أعينهم على الدنيا لم يجدوا أمًا ولا أبًا يحادثهم، يسألهم ما بهم، يحتويهم، يدافع عنهم، ويدفع عنهم شر الزمن. تلك الفئة التي ترعرعت في الدار وتخليتم عنها الآن ولا زلن صغارًا في الأعمار، أين سيذهبون؟؟
أعياهُن البحث، وأضناهُن الألم، وكل الظروف ضدهن، وليس لديهن إلا الله عز وجل وأنت يا والي الخرطوم. نسألك بحق الأبوة أن تخصص منزلاً لتلكم الفتيات، وأن توفر لهن مشاريع تسد حاجتهن.
ملف فتيات دار المايقوما هذا ملفٌ خطير وشائك. وأحسب أنه بحاجة لمسؤول لديه حسٌ أمنيٌ بعيدٌ وقادر على استشعار المسؤولية. هؤلاء الفتيات، وأولئك الفتيان، أصبحوا كبارًا في السن وأعدادهم لا يُستهان بها، يجب أن تسارع الدولة في دمجهم وتوفير فرص عمل لهم خاصة الفتيات، فهن الشريحة الأكبر بعضهن تزوجن والبعض الآخر طُلقن وبعضهن أصبحن أرامل ولا زلن صغيرات سن وبعضهن لم يتزوجن بعد فمثل أولئك الفتيات يجب أن تعتني بهن الدولة.
كل ما تريده تلك الفتيات هو دار يشعُرن فيها بجو الأُسرة، ومشروع يدر لهن دخولاً تكفيهن شر الوقوع في طريق الخطأ وهذا حقٌ مشروع.
لا تؤلموهن أكثر، ولا تكونوا أنتم والظروف ضدهن، وكفاهن حزنًا إنهن عشن حياةً مريرةً ما بين أيدِ المربيات والمشرفات والأمهات البدائل.
نرفع هذا الملف ونأمل أن يصل لأعلى جهة في الدولة.