صلاح الدين عووضة يشكر مرتضى
شكرا مرتضى
كتب – صلاح الدين عووضة
هل منكم من سمع بهذا الاسم؟
لو كان اسما ذا منصب سياسي لسمع به الكثيرون منكم..
وأعني هنا منصب المعتمد تحديدا..
فهو كان مسمى وظيفيا – سياسيا – يستنزف كثيرا من موارد المحلية التي هو مسؤول عنها..
ومن ثمّ جانبا ليس بالقليل من موارد الخزانة العامة..
وهذا أحد مساوئ نظام البشير الذي كان يحرص على ترضية منسوبيه الكثر ولو على حساب الشعب..
والمعتمد كان يحظى بفارهات من أحدث طراز ، وكذلك نائبه، وتحيط بهما حاشية ذات امتيازات هي نفسها..
أما مرتضى فهو واحد من الضباط الإداريين الذين حلوا محل المعتمدين – ونوابهم – بعد حذفهم..
ويعملون بكفاءة أعلى من أولئك، وبمخصصات أقل.. أقل كثيرا..
ولا غرو في ذلك؛ فهم أصلا إداريون – مهنيون – وليسوا بسياسيين يعشقون المناصب، والمطايب، والامتيازات، والفارهات، و(الشو) الإعلامي الزائف..
أي (الشو) الذي يصنع إنجازات لا وجود لها على أرض الواقع؛ او – وفي أفضل الأحوال – يضخم النزر اليسير منها..
ولعل أبلغ دليل على ذلك والي الخرطوم الحالي أحمد عثمان حمزة؛ والذي هو أصلا ضابط إداري..
ولا يتحرك مرتضى وسط حاشية من حارقي البخور، ولا تطارده كاميرات (الشو) الإعلامي، ولا يتنقل إلا بسيارة (بوكس) صينية الصنع..
وأنا شخصيا لم أسمع به إلا من مواطنين بشرق النيل يثنون على مجاهداته في فترة من أسوأ فترات تأريخ بلادنا؛ فترة هذه الحرب القذرة من تلقاء شياطين أسرة دقلو..
فهو المدير التنفيذي لمحلية شرق النيل، واسمه الثنائي – بما أنه بعيد عن أضواء الهوس السياسي المسلطة على الشخوص – مرتضى يعقوب..
وقبل أن التقيه كفاحا هاتفته مرات عدة بشأن قضايا تخص المنطقة؛ فكانت الاستجابة السريعة هي مثار دهشتي دوما..
فنحن لم نعتد على مثل هذا التجاوب الفوري من تلقاء كثير من المسؤولين السياسيين من قبل؛ هذا إن كان ثمة تجاوب أصلا..
ولكن هكذا هم الضباط الإداريون غير الملوثين بشوائب السياسة، بدءا – في زماننا هذا – بوالي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، مرورا بالمدير التنفيذي لشرق النيل مرتضى، واندياحا إلى نظرائهم كافة بمختلف أرجاء السودان.
ثم شاءت الظروف أن أذهب إليه في مكتبه بخصوص أمر عام من أمور منطقتنا؛ سيما وأن المشاكل الخدمية تفاقمت بعد أن عاثت مليشيا الجنجويد فسادا في كل شيء، كل شيء..
فألفيته يتأهب لجولة ميدانية إثر شكوى عاجلة – وخطيرة – من تلقاء ناظر عموم قبيلة من قبائل المنطقة، وعمدة بطن من بطونها، ونفر بمعيتهما من أعيانها..
وصادفتهم مع مرتضى، وسمعت جانبا من شكواهم هذه..
وخلاصتها أن العديد من المشتبه فبهم على أنهم خلايا نائمة للجنجويد ينتشرون في المنطقة تحت ذريعة واجهات لكسب العيش..
وانتشارهم هذا يتم بوضع اليد على أراضٍ حول شارع الأسفلت الرئيس..
وهم جميعهم غرباء عن المنطقة؛ هكذا يقول الناظر، والعمدة، والوفد المرافق لهما..
فتحرك الركب سريعا نحو المنطقة المعنية ومعهم شخصي في سيارة مرتضى بعد دعوته إياي لمرافقتهم..
وشاهدت بأم عيني كيف تعامل المدير التنفيذي مع الموقف يعاونه في ذلك ممثلون لجهات الاختصاص..
وأمسك كذلك عن ذكر كيفية التعامل هذا لدواعٍ أمنية..
ثم توجه ركب مرتضى – من بعد ذلك – صوب سوق (6) لحسم مظاهر فوضوية يقف وراءها مشبوهون أيضا..
وإذ فعل كل ذلكم – مرتضى – بصمت وهدوء ومهنية؛ بمنأى عن أضواء الكاميرات التي يعشقها ذوو المناصب السياسية..
والتي عشقها – حد الثمالة – من كانوا يسمون (المعتمدون) في السابق دون إنجازات تذكر رغم الميزانيات الضخمة..
فشكرا مرتضى..