تسمم كامل إدريس في الرياض يفتح باب السيناريوهات السودانية والتساؤلات الأمنية: ماذا لو تعرض البرهان؟
متابعات تاق برس- في حادثة مفاجئة هزت الزيارة الرسمية السودانية للمملكة العربية السعودية، نُقل رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى أحد مستشفيات الرياض إثر تسمم غذائي بعد تناول وجبة عشاء في أحد المطاعم المحلية.
الحادثة أثارت جدلاً واسعاً، وفتحت نقاشاً حول فعالية البروتوكولات السودانية وقدرة الدولة على حماية كبار المسؤولين، خصوصاً في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني والدعم السريع في السودان. وإمكانية تحولها الى حرب اغتيالات شخصية كما حدث مع والي غرب دارفور خميس أبكر في الجنينة وغيره من التنفيذيين الذين قتلوا على يد الدعم السريع.
– الفراغ الإعلامي وتضارب الأنباء
حتى الآن لم تصدر أي تصريحات رسمية من السفارة السودانية بالرياض أو الجهات المعنية في الخرطوم، ما أتاح مساحة واسعة لتكهنات حول ملابسات الحادثة، وسط تساؤلات حول فعالية البروتوكولات الدبلوماسية وسلامة الوفود الرسمية في مثل هذه الظروف الأمنية والسياسية الحساسة.
السيناريوهات المحتملة: ماذا لو؟
1. ماذا لو تعرض رئيس الوزراء للتسمم بفعل فاعل؟
في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع، قد يُنظر إلى الحادثة على أنها محاولة لإضعاف الحكومة أو زعزعة استقرار الوفد الرسمي، خصوصاً وأن أي حادث صحي كبير يمكن أن يستخدم كورقة ضغط سياسية أو وسيلة إعلامية لتشويه صورة الحكومة في الخارج.
2. ماذا لو كان البرهان هو الضحية؟
إذا كان الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري، هو من تعرض للتسمم، فإن تداعيات الحادث ستكون هائلة:
– زيادة حدة الصراع مع الدعم السريع، الذي يسيطر على مناطق استراتيجية في البلاد.
-زعزعة الاستقرار السياسي في الخرطوم، مع احتمال اندلاع مواجهات داخلية بين القوى المتصارعة.
– توترات مع المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين حول قدرة السودان على حماية قياداته العليا أثناء الزيارات الخارجية.
– إعادة تقييم البروتوكولات الأمنية والدبلوماسية لضمان سلامة الشخصيات العسكرية العليا خلال أي زيارات رسمية.
في هذه الحالة، لن يكون الحادث مجرد أزمة صحية، بل سيُنظر إليه على أنه تهديد أمني مباشر مع آثار سياسية داخلية وخارجية كبيرة.
3. ماذا لو كان مقصودًا؟
حتى لو لم يكن البرهان الضحية، يبقى احتمال أن يكون الحادث متعمداً قائمًا، سواء لتوجيه رسالة سياسية داخلية أو لإظهار ضعف الحكومة أو المجلس العسكري خلال زيارة رسمية لدولة شريكة مثل السعودية، التي تتمتع بدقة عالية في البروتوكولات والضيافة الرسمية.
بروتوكولات ومراسم الطعام في الزيارات الرسمية
الخبراء البروتوكوليون يوضحون أن زيارات كبار المسؤولين تتطلب إجراءات صارمة لضمان سلامة الطعام:
– إعداد الطعام في مواقع معتمدة ومرخصة مع مراقبة صحية صارمة.
– مراقبة سلسلة الإمدادات الغذائية والتأكد من خلوها من أي ملوثات.
– فرق بروتوكول مخصصة لمتابعة كل وجبة قبل تقديمها للوفد.
– وجود طاقم طبي جاهز للتدخل الفوري عند أي طارئ صحي.
– توثيق ومراقبة كل مرحلة من تحضير الطعام وحتى تقديمه.
وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية معروفة بكرم ضيافتها ودقتها في تنظيم الزيارات الرسمية، يشير الخبراء إلى أن حادثة تسمم رئيس الوزراء كامل إدريس تعكس خللاً في البروتوكول السوداني، سواء في متابعة سلسلة إعداد الطعام أو في الرقابة على المراحل النهائية لتقديم الوجبات للوفد. بمعنى آخر، لو تُرك الأمر للبروتوكول السعودي كما هو معمول به في مثل هذه الزيارات، لما تعرض رئيس الوزراء لهذه الحالة الصحية الحرجة، وهو ما يفتح الباب لمراجعة عاجلة لكيفية إدارة السودان لزياراته الرسمية على أعلى المستويات.
تداعيات سياسية ودبلوماسية وأمنية
الحادثة تكشف هشاشة محتملة في الجهاز البروتوكولي السوداني، سواء في الإعداد المسبق للزيارات أو في القدرة على إدارة الأزمات الطارئة.
المراجعة المطلوبة:
الحادثة ليست مجرد واقعة صحية عرضية، بل جرس إنذار لمراجعة شاملة للجهاز البروتوكولي السوداني وذلك وفق الآتي:
– تقييم فرق المراسم ومستوى تدريبها.
– تنسيق آليات الطوارئ بين الوزارات المختلفة، خصوصاً الصحة والأمن.
– وضع خطط احتياطية للتعامل مع أي أزمات صحية أو أمنية خلال الزيارات الرسمية.
– تعزيز الاحترافية والقدرة على اتخاذ قرارات عاجلة تحمي كبار المسؤولين وصورة الدولة في الخارج.
ويشدد الخبراء على أن السودان أمام فرصة لإعادة النظر في أدائه البروتوكولي والدبلوماسي، خصوصاً في ظل الحرب المستمرة بين البرهان والدعم السريع، لضمان حماية الشخصيات العليا واستقرار الدولة، سواء كانت الأزمة صحية، بفعل فاعل، أو محاولة مقصودة لتوجيه رسالة سياسية، أو نتيجة أي خلل في الإجراءات الرسمية.