مفوضية الاتحاد الإفريقي.. اختراقات مهمة

31

متابعات- تاق برس- مفوضية الاتحاد الإفريقي.. اختراقات مهمة

 

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

 

أدان الاتحاد الإفريقي الهجوم الذي نفذته ميليشيا الدعم السريع فجر 19 سبتمبر الجاري بالطائرات المسيّرة على مسجد بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور ما أدى إلى استشهاد أكثر من 75 من المصلين الأبرياء العزل، معتبراً الهجوم على مدنيين تجمعوا لأداء صلاة الفجر في المسجد عملاً شنيعاً، وانتهاكاً صارخاً للقيم الإنسانية وللقانون الدولي الإنساني.

 

دعم :
وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السفير محمود علي يوسف عن تعازيه لأسر ضحايا هجوم مسجد الفاشر وللشعب السوداني، مجدداً دعوته إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، التزاماً باتفاق جدة الموقع في مايو 2023م.

 

وأكد السفير يوسف أن “الحوار السياسي الشامل هو الطريق الوحيد لتحقيق سلام عادل ومستدام في السودان” معرباً عن تضامن الاتحاد الإفريقي مع الشعب السوداني واستعداده للعمل مع كل الأطراف السودانية والدولية لاستعادة الأمن والاستقرار والتماسك الوطني في البلاد.

تطورات وتحولات:
ولقي بيان مفوضية الاتحاد الإفريقي ارتياحاً في الأوساط السودانية بالداخل والخارج، لاشتماله على روح تضامن ودعم مع الشعب السوداني عامة، وأسر الضحايا بشكل خاص، والواقع أنه منذ وصول السفير محمود علي يوسف إلى رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، خلفاً للتشادي موسى فكي، شهد مسار العلاقة بين السودان والاتحاد الإفريقي تحولاً إيجابياً لافتاً تغيّرت بموجبه لغة الخطاب الصادر عن الاتحاد الذي بدا أكثر حرصاً على تغليب الحوار والدعوة إلى وقف إطلاق النار، والابتعاد عن أسلوب الاستعلاء والتدخل المباشر في الشأن السوداني، عكس ما كان يحدث في عهد موسى فكي الذي ارتبط اسمه بمرحلة اتسمت بالانحياز والاصطفاف السياسي داخل أروقة الاتحاد بالتماهي والانحياز الواضح مع ميليشيا الدعم السريع، إلى جانب فتح أبواب الاتحاد لما عُرف بـتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، ” تقدم” بقيادة دكتور عبد الله حمدوك، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة السودانية آنذاك، وعدّته بمثابة انتهاك سافر لسيادة البلاد.

 

 

عودة الثقة:
ووفقاً لمراقبين فإن وصول السفير محمود علي يوسف إلى رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي قد أعاد بعض الثقة المفقودة بين الخرطوم والمنظمة الإفريقية، وفتح الباب أمام إمكانية التوصل إلى صيغة تعاون تعزز الدور الإقليمي للاتحاد في دعم جهود السلام بالسودان، وقد كان لشخصية يوسف الدبلوماسية، ومسيرته الطويلة في العمل الإقليمي، أثراً كبيراً في إحداث هذا التحول، ذلك أن دبلوماسية الرجل وتحليه بالمرونة، وتفهمه لتعقيدات القارة الإفريقية، جميعها عوامل جعل السفير يوسف أكثر قرباً من الواقع السوداني، وأكثر حرصاً على أن يظهر الاتحاد الإفريقي بمظهر الوسيط النزيه لا اللاعب المنحاز، كما أن البيئة الإقليمية والدولية الضاغطة باتت تفرض على الاتحاد أن يلعب دوراً عقلانياً ومتزناً مع الأزمة السودانية دون الانحياز لطرف بعينه.

 

ومع ذلك فإن مراقبين يرون أن التحول الإيجابي في لغة مفوضية الاتحاد الإفريقي لا يعني بالضرورة استعادة السودان لعضويته المجمّدة، رغم الجهود المتعاظمة التي تبذلها بعثة السودان بأثيوبيا بقيادة السفير الزين إبراهيم حسين وأركان حربه من الدبلوماسيين والفنيين والإداريين والذين نجحوا في تهيئة بيئة مواتية لقطف الثمار التي بدأت تينع من خلال التنسيق الجاري والذي يتم تحت أعين الحكومة السودانية التي ينتظرها هي الأخرى تحرك سياسي ودبلوماسي يتكامل مع معطيات وجهود بعثة السودان في أثيوبيا.

 

 

اختراق كبير وخطير:
ويرى السفير نادر فتح العليم، الخبير في العلاقات الدولية، وفضّ النزاعات، أن وصول السفير محمود علي يوسف لرئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي شكّل اختراقاً مهماً في مسار العلاقة بين الخرطوم والمنظمة الإقليمية.

 

ونوه السفير نادر في إفادته للكرامة إلى الزيارة المهمة التي قام بها السفير محمود علي يوسف لبورتسودان في ظل تجميد عضوية السودان، حيث أبدى تفهماً للقضية السودانية، مؤكداً أن الاتحاد الإفريقي لا يمكنه أن يتعامل مع ميليشيا الدعم السريع كقوة سياسية، وإنما يركز على المسار السوداني – السوداني الشامل، وأكد فتح العليم أن الاتحاد الإفريقي، رغم الانتقادات الموجهة له بشأن موقفه من الحرب في السودان، يظل مؤسسة دستورية كبرى تعمل وفق لوائح وبروتوكولات أقرّتها وصادقت عليها الدول الأعضاء، مبيناً أن الاتحاد لا ينحاز إلى دولة ضد أخرى، لكن على الحكومات أن تفي بالاستحقاقات المطلوبة لضمان حقوقها داخل المنظمة من خلال إعمال تحركات جادة تشمل وزارة الخارجية، مجلس الوزراء، والمجلس السيادي، لعقد اجتماعات مكثفة مع قيادات الاتحاد الإفريقي، من أجل وضع خطة عمل واضحة بزمن محدد لاستعادة حقوق السودان، مشدداً على أهمية التعبئة الشعبية للضغط باتجاه عودة السودان للاتحاد الإفريقي، باعتباره “مؤسسة شعوب” وليست حكومات فقط، واختتم السفير نادر فتح العليم إفادته للكرامة بأن الإدارة الجديدة للاتحاد الإفريقي تنتظر خطوة جدية من السودان، مؤكداً أن “التقارب الحقيقي قائم، لكن الأمر يحتاج إلى إرادة واضحة من الخرطوم”.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فمن الواضح أن رئاسة السفير محمود علي يوسف لمفوضية الاتحاد الإفريقي، قد مثّلت بداية مرحلة جديدة أكثر اعتدالاً في علاقة المنظمة الإفريقية بالسودان، بعدما أنهكتها سنوات من التوتر والانحياز، ويظل التحدي الأكبر أمام الخرطوم هو استثمار هذا التحول لمصلحة استعادة موقعها الطبيعي داخل الاتحاد الإفريقي، كعضو فاعل ومؤثر في قضايا القارة السمراء.

whatsapp
أخبار ذات صلة