بدون تعاطف مع لينا يعقوب.. حوار هادئ مع وزارة الإعلام

77

بدون تعاطف مع لينا يعقوب.. حوار هادئ مع الوزارة

كتب- عبد الحميد عوض

 

كثير من المتداخلين في وسائط التواصل الاجتماعي، استنكروا على الصحفيين، وقفتهم ومساندتهم لزميلتهم لينا يعقوب بعد قرار سحب ترخيصها كمدير مكتب قناتى العربية والحدث، بحجة أنهم يساندونها بحمية الزمالة وعاطفة العلاقات الشخصية.

 

شخصيا أرى من الواجب علينا تفهم ذلك النقد، وأن نعطيه حقه ومستحقه و يوجب علينا كذلك إبعاد الشخصي والتركيز على الموضوعي، وهذا ما سأحاول أن اتمسك به من خلال هذا المقال، فلن اتحدث عن لينا يعقوب المهنة والإنسان ولا ما قامت به أثناء تغطية الحرب أو ما قدمه المكتب الذي تديره، و سأركز فقط على صحيفة الاتهام التي تقدمت بها وزارة الإعلام.

 

استندت الوزارة في قرارها على رصد من إدارة الإعلام الخارجي لتجاوزات مهنية كبيرة ومتكررة، قامت بها مديرة مكتب قناتي “الحدث” و”العربية” خلال الفترة من 24 ديسمبر 2024م وحتى تاريخ صدور هذا القرار، في 19 سبتمبر الجاري، أي نحو 10 أشهر، دون احتساب للمخالفات السابقة، وحدد بيان الوزارة، أهم المخالفات المرصودة، نأخذ منها:

1/ نشر معلومات غير دقيقة ومضللة أسهمت من قبل في نزوح وتهجير أعداد كبيرة من المواطنين من قراهم ومدنهم ومناطقهم.
تعليق:
يعلم المهجرون والمشردون أن الحرب سبب رئيسي في حالهم، وأن انتهاكات الدعم السريع بحقهم في المناطق تحت سيطرتها سواء في الخرطوم أو الجزيرة أو دارفور أو سنار وغيرها، هي العامل الحاسم وقتها في تهجير وتشريد الغالبية، ويبدو لي من الغريب جدا أن تلجأ الوزارة لتغيير السردية التاريخية التي يعتمد عليها الضحايا وتعتمد عليها الحكومة نفسها في إدانة الدعم السريع، لتعلق الوزارة دون أن يرمش لها جفن، حبل التهجير والنزوح في رقبة تقارير إعلامية، مع العلم أن تقارير لينا وتقارير العربية والحدث وتقارير الكثير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لها فضل أكبر من فضل وزارة الإعلام ومؤسساتها المختلفة، فيما يتعلق بكشف تلك الانتهاكات وما حاك بالمدنيين خلال الحرب، علما أن الوزارة لم تبين أي تقرير تسبب في تهجير المدنيين ومن أي مكان.

 

2/ذكرت الوزارة أنها وثقت بث تقارير أعدتها مدير مكتب العربية والحدث، تتضمن معلومات ثبت عدم صحتها، من بينها مداخلة مباشرة زعمت فيها المراسلة سيطرة الدعم السريع المتمردة على القيادة العامة للقوات المسلحة، وهو أمر غير صحيح.
تعليق:

كنت أتمنى أن تحدد تاريخ زمن بث تلك المداخلة حتى يكون الحكم دقيقا، لكن المؤكد وأي شخص تابع الواقعة أن لينا استدركت زلة لسانها حينما أدارت القول بالسيطرة على محيط القيادة ذكرت القيادة وصححت ذلك في دقائق معدودة على الهواء مباشرة، وهو أمر يحدث لأي صحفي مع ضغوطات التغطية للحرب، وقد تفهم الجميع ذلك في وقتها.

 

3/ جاء في البيان، أنه ورد في تقارير الزميلة لينا تفاصيل ومعلومات عسكرية حساسة، مثل قصف مطار بورتسودان بواسطة مسيرات استراتيجية، مع نسب هذه المعلومات إلى “مصدر عسكري مجهول”، دون أي توثيق رسمي.

تعليق :
هنا لم أفهم هل الاحتجاج من جانب الوزارة على نشر خبر قصف مطار بورتسودان، الذي لم يكن يحتاج لمصدر معلوم أو مجهول لأنه حدث بنيت تغطيته على المعايشة وهى اصدق مصدر للخبر، أن يكون الصحفي في مكان الحدث، ام فقط الاحتجاج على ذكر قصف المطار بمسيرات استراتيجية؟ ولو الاحتجاج على الثانية، فهل أصدرت وزارة الإعلام أو الناطق الرسمي بإسم الجيش وقتها بيانا في يوم القصف عن الوسيلة التي قصف بها المطار، ثانيا: أي صحفي في هذه الدنيا يعلم بجواز استخدام المصادر المجهولة والتي لا ترغب في ذكر اسمها لسبب أو لآخر، وتلك ممارسة صحفية بامتياز، ولا يمكن لوزارة تفهم في العمل الإعلامي أن تستنكرها أو تحتج عليها ولو كان الوزير في يوم من الأيام صحفيا وعمل في دوائر الأخبار لأدركت ذلك قبل غيره.

 

٤/وزارة الإعلام ذكرت أن مديرة مكتب قناة العربية والحدث خالفت قواعد السلوك المهني عبر: استخدام لغة وصفية غير مهنية تتضمن إيحاءات عدائية واستفزازية، وتُعد خرقاً لمبدأ التوازن المطلوب في العمل الصحفي، والاعتماد على مشاهد تمثيلية مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتصوير أحداث دون الإشارة إلى كونها غير حقيقية، مما يؤدي إلى تضليل الرأى العام.

تعليق:
هنا تبدو الجمل فضفاضة ونسبية، مثلا ما هى قواعد السلوك المهني القويم المتفق عليها؟ واين المخالفة بالضبط؟، ماهى اللغة الوصفية غير المهنية؟ وما هى الإيحاءات العدائية؟ ومن هو مفسر الإيحاءات لدى الوزارة للعدائية، اللهم كله كلام فضفاض لا يمكن “أن تمسك له طرف خيت”، ويحتاج الى ترتيب وإخراج جديد.

 

أما الحديث عن استخدام الذكاء الاصطناعي، فذلك أصبح توجها عاما تستخدمه كل وسائل الإعلام وخلال اليوم الواحد يتدرب آلاف الصحفيين عليه، ولنفترض أن هناك خطأ مهنيا من القناة فحتما يقع عليها وحدها ولا تضار منه جهة أخرى. وإن كنت مخطئا فلتبين الوزارة ما هو الضرر الحقيقي لتجسيد مشاهد حياة البشير في مروي، أنا أفهم أن تنفي الوزارة صحة تلك المعلومات، وتقول لم يحدث ذلك، لكن عكس البشير صورة حقيقية، صورة مركبة، صورة أرشيفية، رسم كرتوني، جرافيكس، ذكاء اصطناع، هذا شيء آخر.

 

٥/ اتهمت الوزارة لينا يعقوب بعدم الرد على خطابات الوزارة بشأن تقرير نُشر حول استخدام الجيش السودانية لأسلحة كيميائية.
تعليق:
حسب ما علمت أن مكتب العربية والحدث في السودان لم يعد تقريرا عن الموضوع أعلاه، إنما أعد من مركز القناة، بالتالي الوزارة أرسلت الخطاب للشخص الخطأ وكان عليها وعبر سفارة السودان في الرياض توجيه ذلك الخطاب واستفسار القناة، وليس مكتب السودان، والسؤال للوزارة، لماذا أوقفت القناة البث للتقرير وسحبته من منصاتها في فترة وجيزة؟ ” ابحثوا عن الإجابة”

٧/ سابع الاتهامات هو نشر تقارير تتضمن اتهامات غير موثقة منسوبة لرئيس وقيادات النظام السابق، دون تقديم أدلة أو توضيح مصدر هذه المعلومات الكاذبة.

سؤال قبل التعليق:
ما هي الاتهامات التي وجهتها لينا يعقوب لرئيس وقيادات النظام السابق؟ وهل هي فعلا كاذبة؟ وما هو الرد على عدم مصداقية تلك الاتهامات؟ مثلا هل البشير غير موجود في مروي؟ هل البشير لم يؤسس قوات الدعم السريع؟ هل لم يتصل بحميدتي لوقف الحرب؟ إذا كان الأمر كذلك فليمدد ابو حنيفة رجله، وقبل ذلك يحتاج الناس أن يعرفوا.

تقول الوزارة أن تلك الاتهامات أُريد منها التشكيك في مواقف قيادات ومؤسسات الحكم الحالي وخلق هوة عدم ثقة بينهم والشعب.
تعليق
من الطبيعي جدا أن تتهم قيادات أي دولة في العالم بالتشكيك وبكل شيء، ومن الطبيعي أن تتصدى الدول ووزارات إعلامها بنفي ذلك التشكيك في ذات المنابر ويا دار ما دخلك شر، ووزارة الإعلام أو الناطق الرسمي إذا لم يكن هناك حملات وتشكيك واتهامات لترد عليها، لن تجد وظيفة أصلا، وفي هذه الحالة أو أي حالة لو أثبتت الوزارة أن قناة العربية أو الحدث أو أي قناة أخرى رفضت استضافة مسؤول حكومي أو خبير استراتيجي موال لها، فسنقف مع الوزارة بحد السيف، والعبارة الأخيرة تعبير مجازي فالسيوف هنا أقلام أو “كي بوردس”.

تضيف الوزارة المبجلة، أن واحد من تقارير لينا يعقوب تناول “مباركة الشعب السوداني لقرارات ما يعرف بالرباعية”، وهي ترى أن التقرير لم يعكس بدقة المزاج العام، ويعد إخلالاً بواجبات التوازن المهني في نقل وجهات النظر المتعددة ومنها رفض الشعب السوداني لهذه القرارات.

تعليق :
في عبارات الوزارة أعلاه تناقض فقد قالت أن التقرير أخل بواجبات التوازن المهني في نقل وجهات النظر المتعددة ومنها رفض الشعب السوداني لهذه القرارات، فلا يمكن أن تتحدث الوزارة عن تعدد في وجهات النظر وفي ذات الوقت تقول برفض الشعب السوداني لقرارات الرباعية، فإن وجد القرار اجماعا ورفض شعبيا لما كانت هناك تعدد وجهات نظر، والحقيقة، عندي، أنه ليس هناك قياس علمي لتوجه الشعب تجاه الرباعية أو أي موضوع آخر والحقيقة المؤكدة أنه بمثل ما هناك سودانيون رافضون، هناك من يؤيد لكن هل هؤلاء أغلبية أم الآخرين هذا بتقديري يحتاج لقياس رأي مهني ومستقل.

 

لكن الوزارة التي تقيم أخطاء الآخرين تقع في ذات الخطأ وفي نفس الأسطر دون أن تقلب الصفحة، حيث تقول إن كل الشعب يرفض ولم تضع استثناء، ولو أن لينا يعقوب ذكرت أن الشعب السوداني كله مؤيد لبيان الرباعية أيضا خطأ والأمانة لم أتابع قولها ولم أجد له أثر على الإنترنت.
أخيرا:

هناك اتهامات أخرى لكن لم أتوقف عندها كثيرا لأنها اتهامات مجردة بلا نموذج ولا أدلة، لكن ما يحير أكثر هو توقيت صدور قرار الوزارة والذي جاء مباشرة بعد تقارير لينا يعقوب عن الرئيس المعزول عمر البشير حيث تقول الوزارة في بيانها أنها ضبطت نفسها بعد ما عدتها من أخطاء سابقة، لكن يبدو أنها فشلت في ضبط نفسها بعد تقارير البشير، وإن كانت الوزارة مدركة أن توقيتها هذا سيضر بمصلحة الحكومة التي تحت تعمل تحت إمراتها أكبر من إضرارها بلينا، فتلك مصيبة، وإن كانت غير مدركة فمصيبتان..

whatsapp
أخبار ذات صلة