الحفيان وحكومة الأمل… كفاءات في مواجهة الحفّارين
متابعات- تاق برس-
الحفيان وحكومة الأمل.. كفاءات في مواجهة الحفّارين
يوسف عمارة أبوسن
تعودُ معرفتي بالدكتور حسين الخليفة الصديق الحفيان إلى العام 2015، حيث ربطتني به صلةُ والدي ورفيقه العم صالح نورة العبادي، كنا نلتقي في أحد الأندية السودانية بالخليج وسط حشد من كبار المدراء والأطباء ورجال الأعمال والفاعلين السودانيين هناك ، وكان يسيطر علينا – كمغتربين – هاجسٌ واحد: متى يعود أمثال هؤلاء الكفاءات إلى أرض الوطن ليعمروها بخبراتهم؟ ومتى تسنحُ لهم الفرصة ليُوجهوا طاقاتهم لخدمة بلدهم؟ كان هذا الهاجس هو محور حديثنا في كل لقاء.
التقيتُ الدكتور الحفيان مرة أخرى في إحدى إجازاته عام 2020، واكتشفت أن كلاً منّا يعمل مستشاراً غير رسمي – ودون مخصصات مالية – لشركة زادنا العالمية ، وفي مكاتب الشركة ببرج الاتصالات كنا نتبادل الرؤى والأفكار التي تهدف إلى خدمة الصالح العام، وكنت أتشارك معه قناعةً راسخة وإيماناً قاطعاً بمشاريع زادنا ورسالتها الطموحة .
لم تنقطع صلتي بالدكتور الحفيان طوال هذه السنوات، ومع علمي بوجود صلة قرابة بينه وبين الرئيس البرهان – حيث أن والدة الرئيس من آل الحفيان – إلا أنني لم أسعَ أبدًا إلى التعمق في هذه الخصوصية، فالرجل في تقديري، أكبر بكثير من أن يُختزل في إطار نسبٍ أو قرابة؛ فهو شخصيةٌ قائمة بذاتها، غنية بعطائها وفكرها، لا تحتاج إلى مقامٍ آخر تستمد منه مكانتها.
ثارت حول الحفيان أسئلة، وقُدمت إجاباتٌ كثيرة، بعضها متحامل وبعضها الآخر يغْمط حقه، ورغم قلة المعلومات عنه في الفضاء العام ، إلا أن (الحفارين) لا ينامون، وإن لم يجدوا عن شخصٍ شيئاً صنعوه، لكن التحدي الأكبر في مسيرة الحفيان المهنية كان استجابته لنداء الوطن، وحين طلب منه البروفيسور كامل إدريس رئيس الوزراء، المشاركة في بناء حكومة التكنوقراط، لم يتردد، جاء من كندا على نفقته الشخصية، رغبةً في أداء الواجب، وبناءً على تنوع خبراته، رُشح لتولي حقيبة وزارة شؤون مجلس الوزراء، لكنه آثر المساهمة في إطار استشاري يحفظ له الحياد والفاعلية، فتم تعيينه رسمياً (ممثلاً خاصاً لرئيس الوزراء) ، ليسند رئيس الوزراء في ملفات داخلية وخارجية ذات طبيعة غير سياسية، لذلك لم يظهر الحفيان باسم الحكومة أو ضمن وفودها سواء لزيارة المملكة العربية السعودية أو لإجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بغير التفويضٍ الرسمي الممنوح له .
هذا عن موقع الحفيان في حكومة الأمل، أما سبب استحقاقه لهذا الموقع ، فسيرته الذاتية خير شاهد، فهو لم يأتِ إلى موقع المسؤولية بصورة عفوية أو عبر محسوبية، بل من أبواب العلم الواسعة، وعبر مسيرة حافلة بالإنجازات تمتد لأكثر من ثلاثة عقود.
يحمل الدكتور الحفيان مؤهلات أكاديمية رفيعة من جامعات عالمية مرموقة، منها الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة نوتنغهام البريطانية، وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة لينكولن البريطانية، فضلاً عن دبلومات عالية في الإدارة العامة والدراسات المصرفية، كما أن شغفه لم يقتصر على الجانب النظري، فتدرّب على المهارات القيادية في مدرسة لندن لإدارة الأعمال ضمن برنامج (القائد التحويلي) – أحد أرقى برامج القيادة عالمياً – كما تلقى تدريباً متقدماً في إدارة البنوك من (مجموعة سيتي بنك) بلندن.
انطلقت مسيرة الحفيان المهنية عام 1991 كمحاضر بكلية الاقتصاد في جامعة الخرطوم ، لتبلغ ذروتها في قيادة وتطوير مؤسسات مصرفية مرموقة في السودان وسلطنة عمان وقطر والإمارات العربية المتحدة، وقد شغل الحفيان مناصب عليا، وغطى مجالات مصرفية شتى من التجزئة إلى الشركات وإدارة المخاطر والتحول الرقمي والحوكمة، كما أسس وترأس مجلس إدارة شركتي استشارات إدارية منذ 2008، قدّم خلالها استشارات نوعية لمؤسسات كبرى مثل مصرف الريان وشركة أوريدو للاتصالات في قطر، ومجموعة إعمار في الإمارات، وشركة الطيران العماني، وبنك السودان المركزي ومؤسسات مصرفية سودانية عديدة.
يتميز الدكتور الحفيان ببصيرة استراتيجية جعلته خبيراً في صياغة الاستراتيجيات وإعادة هيكلة المؤسسات وحوكمتها، فهو خبير معتمد في إدارة الموارد وتقييم المهارات، ومدرب في المجالات الإدارية والسلوكية والقيادية، وقد اجتمعت لديه مهارات الإدارة المالية والتحول الرقمي وإدارة المشاريع، ما يجعله مؤهلاً وقادراً على المساهمة في قيادة التغيير الشامل والمستدام في السودان.
كما أن البعد الأخلاقي في شخصية الحفيان يشكل جوهر رؤيته للبناء الوطني، وهي رؤية مستمدة من قيم الصدق والأمانة والتجرد والإيمان بعمارة الأرض والانتماء الصادق للشعب السوداني، فهو يقدم نموذجاً للكفاءة الوطنية التي تجمع بين العلم والخبرة والإيمان بواجب خدمة الوطن في لحظاته المصيرية.
أخيراً، أقول للذين يزعمون أن الدكتور الحفيان تقلّد موقعه في حكومة الأمل عبر قرابته برئيس مجلس السيادة، أن الحفيان مواطن سوداني لا يُنتقص حقه المدني لوجود قرابة بينه وبين الرئيس، كما أن علاقته برئيس الوزراء البروفيسور كامل إدريس سابقة لتولي البرهان السلطة بسنوات، والبروفيسور كامل إدريس يعرف الحفيان جيداً ويعرف ما يمكن أن يقدمه، لذلك اختاره.
لذلك فمن الواجب على المهتمين، بدلاً من الانشغال بـ (غرف التدوين العشوائي) ، أن يناقشوا أداء الرجل في المهام الموكلة إليه، لا أن يختزلوا كل مؤهلاته وقدراته في اتهامات عشوائية للرئيس البرهان ب (المحاباة) ولرئيس الوزراء بأنه خاضع ل (شلة مزرعة) أو بمعلومات مغلوطة حول الرجل وأنه يعمل بلا تفويض أو صفة رسمية في الحكومة.
يوسف عمارة أبوسن
24 سبتمبر 2025