السودان والنوير

118

السودان والنوير

 

كتب- راشد عبد الرحيم

 

تجري هذه الأيام في جنوب السودان محاكمة نائب رئيس الجمهورية الدكتور رياك مشار بتهم من بينها القتل و إرتكاب جرائم ضد الإنسانية.

 

مبعث التهم الحروبات التي قادها الجيش الأبيض عامي 2013 و 2018 وأدت لمقتل أكثر من ثلاثين ألفا أغلبهم من الدينكا.

الجيش الأبيض قوة فتاكة يهابها الدينكا و هي لا تخضع لسلطة القبيلة و لا رياك مشار بل لشباب يطمعون في الحصول علي نصيب من الحكم من الدينكا.

 

ما يهمنا في هذه القضية هو أن السودان يرتبط و يتأثر كثيرا بقبيلة النوير فهم اول قبيلة نزحت و عملت أفرادها بأعداد مقدرة خاصة في مهن عمال البناء.

 

المرتزقة النوير شاركوا الدعم السريع في الحرب وفي العديد من المناطق وسط السودان و شمال الخرطوم خاصة في الحاج يوسف.

 

كان إسهام النوير في القتل كبيرا و سببا في العديد من الخسائر . فقد عمل النوير في أسلحة المدفعية التي يجيدونها، وعمل مقاتلو النوير علي تدريب المتمردين علي الأسلحة و فنون القتال المختلفة.

 

نشأت العلاقة العسكرية بينهما رغم العداوة التاريخية و المستمرة بينهم و المسيرية خاصة في ترحالهم السنوي جنوبا.

 

منطقة النوير هي منبع النفط و عماد موازنة الجنوب و حياتها إذ ليس للجنوب من مصادر للحصول علي الأموال الأجنبية غيره.

 

خط صادر نفط الجنوب يمر بالسودان و ليس للجنوب حاليا و لا مستقبلا من بديل.

 

السودان يحتاج لإستقرار الجنوب و هي معضلة مع موقف النوير المعادي و تحالفه الحالي مع التمرد و هو تحالف هش لا مستقبل له مع تمرد لا يؤمن له جانب.

 

محاكمة الدكتور رياك مشار تشكل معضلة كبيرة إذ يقوم التنافس علي رئاسة دولة الجنوب بين القبيلتين و لم تنجح كل الوساطات في التوصل لحل.

 

ينطلق الدينكا من حق يرونه في الحكم نسبة للعدد السكاني الكبير الذي يتجاوز نصف سكان الجنوب و سيطرتهم علي أراض شاسعة و يري النوير في حق المشاركة بصيغة تمنحهم نصيبا من السلطة لكونهم القوة الثانية في الدولة.

 

لا حل لمعضلة الحكم الا بقبول النوير بمنصب النائب دون فرصة للرئاسة او قبول الدينكا منح فترات حكم للنوير.

 

الدول المجاورة للجنوب و علي رأسها كينيا ويوغندا يبدو أنها صاحبة مصلحة في إستمرار النزاع لإستفادتها الإقتصادية الكبيرة إذ يشكل الجنوب سوقا لها مع ثروة نفطية موعودة.

 

والجنوب كثيرا ما شكل ملجأ للقوي العسكرية المعادية كما حدث مع جيش الرب اليوغندي.

 

الأزمة الأكبر التي يواجهها الجنوب حاليا عزوف الدول الغربية عن التدخل بعد أن حققت هدفها الأكبر و هو إبعاد تمدد الإسلام بعد الإنفصال.

 

كما ان نفط الجنوب لا يتوفر بإحتياطات كبيرة وتكاليفه الباهظة لا تجعله مجديا إقتصاديا

السودان الان أمام وضع في جنوب السودان لا ينفع معه الإبتعاد و لا إنتظار الأضرار التي بلغت حد تهديد كيان الدولة و قتل مواطنيها بل الأمر يحتاج تدخلا ناعما بنفوذ داخلي و للسودان حظوظ وافرة في هذا و أيضا بعصا غليظة لا تستعمل إلا عند الضرورة . و كثيرا ما تنفع غلظة العصا و ترفع الحاجة لإستخدامها.

whatsapp
أخبار ذات صلة