كامل إدريس يفجرها داوية أمام الأمم المتحدة: سيادتنا وسلامة أراضينا خطوط حمراء ولن نستسلم.. “أعدكم لن نستسلم”

104

إدريس: على المجتمع الدولي العمل على وقف تدفقات الأسلحة الفتاكة المتطورة للمليشيات الإرهابية وإدانتها وتجريمها وتصنيفها مجموعةً إرهابية، ووقف تدفقات المرتزقة

 

متابعات- تاق برس-

 

قال رئيس مجلس الوزراء الانتقالي السوداني كامل إدريس إن استمرار الصمت الدولي حيال ما وصفها بـ”جرائم المليشيا الإرهابية المتمردة” وحصارها لمدينة الفاشر وقصفها لمعسكرات النازحين ودور العبادة والمؤسسات التعليمية ونهب الأسواق والممتلكات العامة والخاصة وتدمير المرافق الصحية في كافة أنحاء البلاد “يعد تشجيعا وضوءا أخضر لها لمواصلة جرائمها وانتهاكاتها”.

 

وفي كلمته أمام الجمعية العامة، قال كامل إدريس إن شعب السودان تعرض خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى “مخاطر وتهديدات وجودية بفعل جرائم الدعم السريع المتمردة، إذ أُجبر السودانيون على الخروج من ديارهم ووطنهم تحت وطأة القتل الممنهج والتعذيب والنهب والاغتصاب والإذلال والتدمير المتوحش لكل مقومات الحياة”.

 

وشدد أنه على المجتمع الدولي العمل على وقف تدفقات الأسلحة الفتاكة المتطورة لقوات الدعم السريع “وإدانتها وتجريمها وتصنيفها مجموعة إرهابية ووقف تدفقات المرتزقة”.

كما دعاه لدعم خيارات الشعب السوداني وحكومته المدنية ودعم الحلول الأفريقية للنزاعات عبر الإرادة والملكية الوطنية دون وصاية.

 

وأكد كامل إدريس أنه يقف أمام الجمعية باسم حكومة السودان المدنية “وفاء للعهد” الذي قطعه الرئيس عبد الفتاح البرهان العام الماضي بتعيين رئيس وزراء مدني بسلطات مستقلة “ترسيخا لقيم الحكم المدني والانتقال الديمقراطي”.

 

وقال إن تحقيق السلام الشامل في السودان يتطلب مشاركة القوى السياسية السودانية وقطاعات الشعب السوداني في صنع القرار وتحديد مستقبله، “لأنه صاحب المصلحة الحقيقة”، وذلك بعيدا عن التدخلات أو التأثيرات الأجنبية أو الحلول الجزئية المتسرعة “أو دعم التطرف السياسي العرقي الذي يخطط لتدمير السودان”.

 

وأكد كامل التزام حكومة السودان بخارطة الطريق “التي ساهم في وضعها لفيف من القوى الوطنية”، والتي تتضمن وقف إطلاق النار مصحوبا “بانسحاب مليشيا الدعم السريع الإرهابية من المناطق والمدن التي تحتلها ورفع الحصار عن مدينة الفاشر وما حولها تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2736 الصادر منذ أكثر من عام”.

 

وقال إن الخطة تشمل كذلك العودة الكريمة الآمنة للنازحين واللاجئين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، “ومواصلة العملية السياسية الانتقالية نحو الديمقراطية”، وقد تم اتخاذ خطوات “متقدمة بالفعل” لتنفيذها.

 

إليكم نص خطاب رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة..

 

 

(السيدة أنالينا بيربوك، رئيسة الجمعية العامة، معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أصحاب الفخامة الملوك ورؤساء الدول والحكومات، السادة الوزراء، السيدات والسادة الرؤساء والوفود، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهنئ السيدة أنالينا بيربوك على انتخابها رئيسةً للجمعية العامة للدورة الثمانين، كما أهنئ السيد فيرمون بانغ على رئاسة الجمعية العامة في دورتها السابقة، ونقدر حسن أدائه وجهوده المبذولة من أجل السلام.

 

ونخص بالتقدير معالي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لجهوده الدؤوبة ومبادراته القيمة من أجل السلام والعدل وتحقيق أهداف ومبادئ الأمم المتحدة ودعمه لقضايا الدول النامية.

 

هأنذا أقف أمامكم اليوم باسم حكومة السودان المدنية وإنابةً عن الشعب السوداني الأبي ووفاءً للعهود التي قطعها فخامة الرئيس عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، من داخل هذا المحفل.

 

أقف أمامكم من ضفاف نهر النيل، من أرض الأمم المتحدة، من أرض تغلغل فيها التاريخ كما تغلغل فيها نهر النيل، من صحارى شهدت خطى أقدام ممالك قديمة وحضارات تاريخية، ومن مكان تحمل فيه ذرة الغبار أثر الحرب.

 

السودان نزفت قراه ومدنه، باتت صامتة بسبب هذه الحرب، حرب غير مسبوقة، غزو غير مسبوق لم تشهده البشرية.

 

أطفالنا عاشوا الخوف قبل أن يتمتعوا بمعنى العيش، وبالرغم من ذلك، وفي رماد الحرب هذا، نسمع نبضًا يرفض الزوال، ينبض في دعاء اللاجئ الصامت في مزارع يزرع ولو لم يحصد، وفي أم تهدئ طفلها حتى ينام تحت السماء.

 

ومن هذا النبض أسمع هذه الكلمات: يتجدد في وحدتنا، وقوة تكمن في سلمنا. السودان حضارة عريقة، مصادرها مهمة للعالم أجمع.

 

إننا نشهد تحديات عظيمة ومخاطر تعصف بمبادئ المثل وتعددية الأطراف، مع تهديد الاستقرار الإقليمي والدولي، بينما تتآكل قواعد القانون الدولي وتتفاقم جرائم الإبادة الجماعية والعدوان، وتوظيف المرتزقة الأجانب لاحتلال أراضي الدول، وذبح الشعوب ازدراءً بالقيم الإنسانية، وانتهاكًا للقانون الدولي كما يحدث الآن في بلادنا.

 

سيد الرئيس، ينبغي علينا بناء الثقة والتزام الشفافية، وتعزيز دور الجمعية العامة والدبلوماسية الوقائية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، حيث يمكن تعزيز قدرات ودور الأمم المتحدة من خلال العمل الجماعي والتعاون الدولي المتعدد الأطراف.

 

 

ويمكن الاستفادة من قوة الدفع الناتجة عن مبادرة الأمم المتحدة 80 ومخرجات قمة المستقبل والمؤتمرات الدولية الرئيسية.

 

على الرغم من الإجماع والتوافق الدولي على عدم مشروعية العقوبات والتدابير القسرية الأحادية التي تنتهك قواعد القانون الدولي، يستمر فرض هذه العقوبات لأسباب سياسية، مما يهدد قيم وأواصر التعاون الدولي والعلاقات الدولية وحقوق الشعوب في التنمية والرفاهية والتمتع بحقوق الإنسان، وخصوصًا الدول النامية والدول الأقل نموًا.

 

كما نجدد القلق من استغلال حقوق الإنسان سياسيًا واتخاذها وسيلة للضغط على بلادنا دون النظر للجوانب الاقتصادية لحقوق الإنسان التي تتأثر بهذه العقوبات والتدابير الأحادية.

 

وكذلك نجدد رفضنا القاطع لخطاب الكراهية والعنصرية والتطرف والإسلاموفوبيا، وكافة أشكال التمييز والتعالي العرقي التي تهدد الإنسانية بأكملها.

 

 

سيد الرئيس، لقد تعرض شعب السودان خلال الأعوام الثلاثة الماضية لمخاطر وتهديدات وجودية بفعل جرائم مليشيات الدعم السريع المتمرِّدة، إذ أجبر السودانيون على الخروج من ديارهم تحت وطأة القتل الممنهج والتعذيب والنهب والاغتصاب والإذلال والتدمير الوحشي لكل مقومات الحياة.

 

وكل ذلك كان مقصودًا بحد ذاته ضمن مشروع متكامل للسيطرة على السودان ونهب ثرواته وتغيير ديمغرافية سكانه.

 

إن الحفاظ على سيادة الدولة ومؤسساتها الوطنية الراسخة أولوية قصوى وقضية وجودية للشعب السوداني، وعليه فإن الانتقال المدني والتحول الديمقراطي تحت قيادة حكومة الأمل المدنية وإرساء السلام لن يتحقق بدون وجود وتقوية هذه المؤسسات الوطنية التي تحافظ على سيادة الدولة وسلامتها الإقليمية.

 

على المجتمع الدولي، وأنتم قادة هذا المجتمع الدولي، وأنتم الأسرة الدولية بأكملها، العمل على وقف تدفقات الأسلحة الفتاكة المتطورة للمليشيات الإرهابية وإدانتها وتجريمها وتصنيفها مجموعةً إرهابية، ووقف تدفقات المرتزقة.

 

إن انتهاك القرار 1591 يهدد باستمرار الحرب وإطالة أمدها ومعاناة المدنيين ويقلل من فرص التوصل للسلام ويهدد سلامة ووحدة واستقرار السودان بل والمنطقة بأسرها.

 

إن تحقيق السلام الشامل في السودان يتطلب مشاركة القوى السياسية السودانية وقطاعات الشعب السوداني في صنع القرار وتحديد مستقبله، لأنه صاحب المصلحة الحقيقية، وذلك بعيدًا عن التدخلات أو التأثيرات الأجنبية أو الحلول الجزئية المتسرعة أو دعم التطرف السياسي العرقي الذي يخطط لتدمير السودان.

 

نؤكد من هذا المنبر التزام حكومة السودان بخارطة الطريق التي ساهم في وضعها لفيف من القوى الوطنية والمنظمات المدنية، والتي قدمناها للأمم المتحدة والوسطاء، وتتضمن وقف إطلاق النار، مصحوبًا بانسحاب مليشيات الدعم السريع الإرهابية من المناطق والمدن التي تحتلها، ورفع الحصار عن مدينة الفاشر فورًا وما حولها، تنفيذًا لقرار مجلس الأمن 2766 الصادر منذ أكثر من عام.

 

هل هذا يعقل؟ تأملوا معي للحظة: يموت الأطفال والنساء والشيوخ بالتجويع والأسرة الدولية صامتة.

وكل هذه الإجراءات تشمل عودة كريمة وآمنة للنازحين واللاجئين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين والمتضررين، ومواصلة العملية السياسية الانتقالية نحو الديمقراطية.

 

وفي هذا الصدد، قد تم اتخاذ خطوات متقدمة بالفعل لتنفيذ هذه الخارطة، حيث قمت بتشكيل حكومة مدنية من التكنوقراط، والتي ستنخرط في حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، لتأسيس الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة، والعمل للارتباط الإيجابي بالمجتمعين الإقليمي والدولي.

 

وفي هذا الإطار، تلتزم الحكومة بتسهيل كافة الإجراءات لكل السودانيين في المهجر للعودة والانخراط في هذا الحوار التاريخي المهم.

 

سيد الرئيس، من أولويات حكومة الأمل المدنية العمل على إنجاز الأهداف التي تتضمن تحقيق السلام كأولوية قصوى، وإقامة دولة القانون ومحاربة الفقر والفساد بكافة أشكاله، وتفعيل العدالة الانتقالية والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

 

وانتهاج سياسة خارجية متوازنة والارتباط الإيجابي بالمنظمات الدولية والإقليمية، وتقديم الخدمات من كهرباء ومياه وأمن ومعاش، وتنشيط التنمية المحلية، والاستشفاء الوطني، والإعداد لانتخابات قومية شاملة، بمراقبة إقليمية ودولية، والعمل على إزالة مخلفات الحرب والعودة إلى العاصمة القومية الخرطوم، وبذل جهود إعداد البناء والإعمار، ورفع كفاءة القطاع الصحي، وزيادة مشاركة النساء والشباب في الحوار الوطني من أجل السلام.

 

سيد الرئيس، نؤكد التزام حكومة السودان بالقانون الدولي الإنساني، ولقد وضعت حكومة السودان خطة وطنية شاملة لحماية المدنيين قدمتها إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، غطت كافة جوانب الحماية، بما في ذلك تشكيل آلية وطنية للحماية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ودعم جهود الأمم المتحدة الإنسانية، وسيادة حكم القانون والمساءلة، والعمل على وقف انتشار السلاح، ومكافحة العنف ضد المرأة والأطفال، ومعالجة قضايا النازحين واللاجئين، وتحقيق السلام الشامل.

 

 

فضلاً عن توقيع إطار التعاون مع الأمم المتحدة في هذا الشأن، تجدد الحكومة التزامها بتسهيل وحماية مرور المساعدات الإنسانية عبر كافة المعابر المتفق عليها والتي حددتها حكومة السودان.

 

إن استمرار الصمت الدولي حيال جرائم المليشيات الإرهابية المتمرِّدة، وحصارها لمدينة الفاشر، وغصفها لمعسكرات النازحين، ودور العبادة، والمؤسسات التعليمية، ونهب الأسواق والممتلكات العامة والخاصة، وتدمير المرافق الصحية في كافة أنحاء البلاد، يُعد ضوءًا أخضر لمواصلة جرائمها وانتهاكاتها.

 

ستظل أبوابنا مفتوحةً مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وندعو المجتمع الدولي لدعم خيارات الشعب السوداني وحكومته المدنية، ودعم الحلول الإفريقية للنزاعات عبر الإرادة والملكية دون وصاية.

 

سيدي الرئيس، إن التوتر الخطير والتصعيد المتزايد، وما آل إليه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصًا الأوضاع الكارثية في فلسطين المحتلة وقطاع غزة، ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة وشعوبها.

 

ونجدد قناعتنا بأنه لا استقرار ولا أمن في المنطقة إلا بحل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، يمكن من قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس على حدود يونيو 1967، وفقًا للقرارات والشرعية الدولية.

 

وفي هذا السياق، ندين الهجوم الإسرائيلي السافر على سيادة دولة قطر الشقيقة، الذي يهدد السلم والأمن الدوليين.

فدون السلام، لن يتحقق المستقبل.

 

أصحاب المعالي والسعادة، ندعم بالكامل السلام والأمن وحقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة، والتي بدونها لن يحل السلام الدائم.

 

وأقولها هنا بوضوح وبصراحة: إن سيادتنا وسلامة أراضينا خطوط حمراء، لن نستسلم، أعدكم، لن نستسلم

 

وأشكركم على حسن استماعكم.

 

 

whatsapp
أخبار ذات صلة