الوطني والشيوعي يطلقان تحذيرات وتهديدات في اول تعليق على اتفاق الوثيقة الدستورية
الخرطوم “تاق برس” – واجه الاتفاق على وثيقة الاعلان الدستوري الذي جرى بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير السبت، موجة انتقادات وهجوم وتحذيرات واسعة من حزبين كبيرين في الساحة السياسية السودانية هما، المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً والحزب الشيوعي المعارض احد مكونات قوى الحرية والتغيير.
حيث أعلن الحزب الشيوعي السوداني، رفضه الاتفاق على الوثيقة الدستورية.
ودعا الحزب إلى مواصلة التصعيد بمختلف الأشكال وصولاً إلى الاضراب العام والعصيان المدني.
وطالب الشيوعي بنشر الاتفاق للجماهير لمعرفة تفاصيله، والتمكن من دراسته ليوضح رأيه المتكامل حوله.
في الوقت ذاته وجه حزب المؤتمر الوطني انتقادات حادة للاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير حول الإعلان الدستوري المحدد لهيكل الحكم خلال الفترة الانتقالية.
ووصف الحزب الاتفاق بأنه “أفسح المجال أمام توجهات علمانية” واتسم بالثنائية بنحو يعقد مستقبل المرحلة المقبلة.
وتوصل المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير التي تقود الحراك في الشارع السوداني الى اتفاق في وقت مبكر من صباح السبت حول الإعلان الدستوري الذي يمهد الى تسليم السلطة لحكومة مدنية بشراكة محدودة مع قادة المجلس العسكري.
وقال الشيوعي بحسب بيان صادر عن سكرتارية اللجنة المركزية للحزب ” إنه يرحب بأي اتفاق يرسخ للديمقراطية والسلام وتحسين الأوضاع المعيشية والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، والسيادة الوطنية، وفقاً لما جاء في إعلان الحرية والتغيير.
وكان الحزب الشيوعي أعلن قبل أيام سحب قياداته من وفد قوى الحرية والتغيير الذي يفاوض المجلس العسكري وقرر عدم المشاركة في اي حكومة تفضي لها المفاوضات بين الطرفين بسبب ما اسماها التكريس لهيمنة وحكم العسكر.
وقال بيان سكرتارية اللجنة المركزية إن ما رشح من المؤتمر الصحفي الذي عقدته قوى الحرية والتغيير، يجافي مدنية الدولة، وان الاتفاق كرّس هيمنة العسكر، كما يتضح من وجود (5) في مجلس السيادة، واستحواذهم على الـ 21 شهراً الأولى للفترة الانتقالية، وتعيين وزيري الدفاع والداخلية منهم، وتبعية القوات المسلحة للقائد العام والخاضعة للمجلس السيادي.
ولفت الشيوعي الى ان الاتفاق أغفل هيكلة جهاز الأمن والمخابرات ليصبح لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها، وعدم الاشارة لحل بقية المليشيات (كتائب الظل والدفاع الشعبي، والوحدات الجهادية الطلابية) مما يهدد حياة المدنيين والقمع الوحشي لمواكبهم السلمية واستمرار نزيف الدم، حسب البيان.
وأضاف “عليه يؤكد حزبنا رفضه للاتفاق الذي لا يساعد في قيام حكم مدني ديمقراطي، مما يتطلب مواصلة التصعيد بمختلف الاشكال في لجان الأحياء ونقابات المهنيين، والمواكب والاعتصامات، ومواصلة التراكم النضالي حتى الاضراب العام والعصيان المدني الذي ينتزع فيه شعبنا الحكم المدني الديمقراطي الذي يفتح الطريق للتحول الديمقراطي والسلام الشامل وعقد المؤتمر الدستوري، وتحسين الأوضاع المعيشية والسيادة الوطنية”.
وأوضح البيان أن الاتفاق لم يشر بوضوح الى لجنة التحقيق الدولية المستقلة في مجزرة فض الاعتصام. كما لم يشر إلى ما اسماها بالمصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية وسط القيادات العليا للجيش، والعائد من الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية، ومن عائد الذهب، وحرب اليمن.
بينما قال بيان للمؤتمر الوطني الذي ابعد عن الساحة السياسية في السودان بعد خلع رئيسه عمر البشير، :إن الاتفاق الثنائي الذي أبرم بين الطرفين، أقصى كل مكونات الحياة السياسية والاجتماعية بما يعقد للأسف الشديد مستقبل الفترة الانتقالية من ممارسات سياسية متوقعة تقوم على الإقصاء والعزل والشمولية”.
وسخر الحزب مما أسماه فشل الوثيقة في الفصل بين السلطات السيادية والتشريعية والتنفيذية والقضائية، رغم انها من أبجديات علم السياسة والفقه الدستوري وإنها بذلك ” لا تستحق الاطلاع عليها”.
كما انتقد بيان الحزب نص الاتفاق على تشكيل مجلس تشريعي بأغلبية من لونية سياسية واحدة، دون أي انتخابات أو تفويض، بنحو يصادر سلطة الشعب في التشريع، عبر قوانين ذات طبيعة سياسية بما يتوافق مع أجندتها الحزبية في تصفية حساباتها، وفي تجاوز وعزل واضح للعديد من القوى السياسية الوطنية ذات التاريخ العريق والدور الوطني البارز.
وحمل المؤتمر الوطني المجلس العسكري الانتقالي باعتباره المستولي على مقاليد الأمور مسؤولية تسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة بنهاية الفترة الانتقالية.
واضاف ” لا يعفيه أي اتفاق أو وساطة لتجاوز هذا الواجب الجسيم، كما يقع عليه عبء الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وسلامتها، وحماية وحدة ترابها”.
وأردف البيان “إن أي وثيقة تعطل هذا الدور للمجلس وتمنحه لمجموعة سياسية لها أجندتها المعلنة في تفكيك عرى المجتمع، ومؤسسات الدولة وأجهزتها، بما فيها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى يجب أن تكون محل نظر من كل مشفق وحريص على البلاد وأهلها ومصالحها”.
وأشار الى أن الاتفاق تجاوز دستور ٢٠٠٥م، الذي جاء بإجماع كافة الأحزاب السياسية بدون استثناء، بعد اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)، والتي حظيت بتأييد كل دول المنطقة والمؤسسات الإقليمية والدولية.
وأضاف “على خلاف تأكيد دستور ٢٠٠٥م على مرجعية الشريعة الإسلامية في التشريع، نجد أن الاتفاق سكت عن ذلك مفسحا المجال واسعاً أمام توجهات علمانية مطروحة في الساحة هي الأبعد عن روح الشعب وأخلاقه”.
ولفت الوطني في بيانه الى أن الاتفاق نص على تغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني “بدون أي تفويض شعبي عبر برلمان منتخب”.
ورأى في ذلك انذارا بحجم الانتهاكات المتوقعة فيما يخص الحريات العامة والنشاط السياسي، ويقود البلاد إلى نظام دكتاتوري مستبد، “وإن تدثر بشعارات المدنية والديمقراطية تتحكم فيه مجموعة سياسية تأبى أن يشاركها الآخرون في تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية وتجاوز تحدياتها”.