عقب هرج “سونا”..صحفي يكتب ..انتقال مهين : من مهنة ” المعايير ” الى ” حرفة ” الصياح”.. وكالة السودان للانباء انموذجا
كتب: عبدالوهاب جمعة
مهنة الاعلام حساسة وذات معايير محددة ، غير مسموح فيها بالعمل فيها الا لمن اجتاز اشتراطاتها وعمل فيها لعدد من السنوات، كما يجب ان يتلقى العاملين المستقبلين فيها قواعد العمل ومعايير المهنة من خلال الخبرة المكتسبة يوما بعد يوما وتحت اشراف مباشر من الاقدمين.
ما حدث اليوم بوكالة السودان للانباء ( سونا ) هو أمر لم يحدث طيلة تاريخ الوكالة الذي يعود لعقود ، فوضى عارمة في كل شئ .. عشرات من النشطاء سمح لهم بالدخول .. عشرات من نشطاء السياسة ” تمكنوا ” من الاستحواز على المكان .. عشرات نشطاء الفيسبوك امسكوا بـ” المايك ” عنوة لتوجيه اسئلة الى المنصة… تجار ورجال اعمال سمح لهم بتوجيه اسئلة في مؤتمر صحفي.
عشرات من النشطاء سمح لهم بتوجيه اساءات واهانات الى المتحدث وهو وزير حكومي في مؤتمر صحفي لم يكن مفترض ان يكون اولئك الناشطين في المكان.
انه مؤتمر صحفي وليس ندوة في ميدان عام ليتحدث ويسأل فيه الجميع، اساءات واهانات واعتراضات كما في الاسواق .. الحمد لله ان المؤتمر خلا من الكلمات النابئة او الالفاظ غير المحترمة.
اليوم تحولت قيم ومعايير المؤتمر الصحفي من ” توجيه اسئلة من شخص مختص بغرض الحصول على المعلومات وابلاغها للرأي العام لاتخاذ القرارات الصحيحة ” الى ” الصياح في وجه المسؤولين بغرض الاساءة والانتقاص منهم وإعلام الناس بمكانتهم كنشطاء في المجتمع”.
اليوم تحول وكالة السودان للانباء من منصة اعلامية الى “ركن نقاش ” .. انها نهاية مهنة اذا لم يتم تدراك الامر.
ثمة اسئلة كثيرة تطرح نفسها .. من سمح لكل اولئك بالحضور والمشاركة في مؤتمر صحفي معروف انه غير مسموح فيه من غير الصحفيين والاعلاميين بحضوره .. من سمح لهم بالامساك بـ ” المايك ” والتحدث.
وزير المالية مهما كانت قراراته الا انه يستحق ان يحترم وان لايهان في عقر مهنة من اهم قواعدها ” الدقة ” و ” الموضوعية ” و ” البعد عن الخاص والاساءات ” قنوات فضائية كانت تبث مباشر اضطرت الى ايقاف البث بعد ان لمس مديري الاخبار فيها ان تلك الفوضى قد تحرج ” مشاهديها ” وربما قد يسمون كلمات لا يفترض بهم ان يسمعوها ..
اليوم نشيع مهنة الاعلام والصحافة في وقت يشهد فيه السودان انقسام كبير ودرجة كبيرة من حالات ” التسييس “.