ماذا تعني قضية مقتل جورج فلويد العنصرية الينا في السودان- مبارك اردول

566

أعادت قضية مقتل جورج فلويد الوحشية طرح قضية التمييز العنصري مجددا ووضعته في أولويات الاجندة والاهتمام في العالم، فبالنسبة الينا في السودان لايمكن أن تمر هذه القضية دون الوقوف عندها والتعليق عليها، فدعونا ناخذها في شكل نقاط.

اولا من حيث التعاطف الشعبي:

القضية قد أظهرت تعاطف واسع من مختلف شعوب العالم وما يحمد له ان غالبية من ينتمون عرقيا للبيض قد رفضوا هذه الممارسات وتعاطفوا مع الضحية في ظاهرها ومن ورائها تغيير للعقلية والسياسة التي لم يهتز ضميرها وتتحرك غاضبة لمثل هذه الحوادث في العقود الماضية، فأجيال البيض في هذا العصر يرفضون سياسات التفوق للانسان الأبيض(White Supermecy) التي وضعها ومارسها اجدادهم من قبل.

بالنسبة إلينا في السودان يجب أن نكون اكثر حساسية تجاه التعابير والتصريحات التي تندرج تحت طائلة العنصرية وتظهر التفوق العرقي فيما بيننا، يجب أن يكون الموقف موحدا ومعلنا سيما وان هنالك حوادث متقطعة في الأيام الماضية قد صرح اصحابها ولكنها لم توحدنا تجاه الموقف من العنصرية كما يحدث الان، بل حاول البعض ايجاد مبررات وتجميل للقبح العنصري ببيانات وغيرها، فلن يتعافى مجتمعنا كاملا ما لم يوحدنا الموقف من مثل هذه القضايا كما وحدت غالبية شعوب العالم.

ثانيا من حيث المؤسسة:

لا يبدوا ظاهرا في قوانين مؤسسة الحكم وهياكلها في السودان تصنيف عنصري واضح، ولكن من حيث الواقع تنعدم العدالة في توزيع فرص العمل والتوظيف بين أبناء اقاليم البلاد المتنوعين، نتفهم ان الواقع أيضا يعبر عن انه ميراث لتركة مثقلة وتراكم حدث منذ عقود الاستقلال وسودنة الوظائف، ولكن ثمة حاجة ملحة الان لوضع قوانين تعالج هذه الاختلالات الهيكلية لتحقيق غاية العدالة، سيما وان الوثيقة الدستورية قد تحدثت في بند اصلاح الخدمة المدنية ان يكون هنالك إجراءات تفضيلية ويقصد بها التمييز الايجابي لتحقيق التوازن، فالصوت العالي حاليا هو صوت التنظيمات النسوية وهذا لايكفي بل حزمة متكاملة يجب التحسب لها، فهذه النصوص تحتاج لترجمة لواقع، فاستمرار الأوضاع هكذا (Business as Usual) لهو مؤشر سيترتب عليها حجة قوية في المستقبل القريب للثورة من أجل استعدال الاختلال.

حسنا قد منح التفاهم في مفاوضات جوبا الجارية حاليا نسبة محددة لاقاليم بعينها ولكن لايجب ان يكون الحل بالقطاعي وإنما يجب أن تكون المعالجة بالجملة ولكل اقاليم البلاد وحتى تلك التي لا تتمتع بأن يكون لها مسار في المفاوضات الجارية حاليا. فالقدرة على صناعة القرار والتأثير فيه لهو اكبر طريق يحقق الرضاء بين مكونات الشعوب المتساكنة في الحدود الجغرافية للدول.

ثالثا من حيث قوانين الحكم والتمثيل الانتخابي :

أنظمة التمثيل الانتخابي واختيار الحكام قد تساعد على خلق الفوارق الهيكلية في البلاد، فديمقراطية الولايات المتحدة حاليا يصعب عليها ان تحدث التغيير الذي يحتاجه الشعوب، فالديمقراطيات المستقرة هي تلك التي يختار شعوبها حكامهم بقاعدة شخص واحد صوت واحد (One person one vote) لاختيار الرئيس او نحو البرلمانات ومن ثم تشكل الحكومات وتشرع القوانين من ممثلي الشعوب، فنظام الكلية الانتخابية يجعل صفوة محددة تتحكم في مصير الشعب عبر اختيارها للرئيس الذي سيعبر دوما عن مصالح تلك الصفوة ولا يحترم اشواق وتطلعات الجماهير التي تنشد التغيير.
ففي السودان وسيما اننا ندخل مرحلة اختيار البرلمان الانتقالي فيجب ان توزع مقاعده اعتمادا على قاعدة الدوائر الافتراضية والتي تغطي كل اقاليم السودان حسب اخر تعداد سكاني ومن ثم ندخل مرحلة تسمية النواب ويطلب من الاحزاب والقوى الاخرى الإلتزام بذلك، سيما هذا البرلمان سيضع قوانين التحول الديموقراطي ويحافظ على استقرار مؤسسات المرحلة الانتقالية. فلو حدث خطأ في تشريع قوانين الانتخابات بمنح مقاعد خاصة مثلا للخريجين وغيرهم من الفئات فهو ماسيخلق خلل في تركيبة البرلمان المنتخب بحيث لن يبذل البعض اي مجهود وسيحوز على مكاسب استنادا على الامتيازات التي خلقتها وورثتها من الأنظمة السابقة، ولنبتعد عن ذلك يجب أن يكون الحذر من الان.

اخيرا نتفاعل ونكتب البوستات التي نريدها في أيام العطلات وبعد نهاية الدوام حتى نحافظ على التواصل مع الأصدقاء وان لا يبعدنا العمل العام من التفاعل معهم في مثل هذه القضايا.

سنعود…

مبارك أردول
5 يوليو 2020م

whatsapp
أخبار ذات صلة