صلاح الدين عووضه .. وضحكتُ جدًا !!
ضحكت شديد..
شديد خالص…شديد بالحيل…حتى كدت أبكي..
ولا تسلني عن علاقة الضحك بالبكاء…فالقاسم المشترك الأعجب بينهما الدموع..
المهم ضحكت ضحكاً مؤلماً..
ولو كنت أكملت الضحك بكاءً لشابهت حال مصطفى سيد أحمد حين صدح:
وضحكت ما هماني شيء
وبكيت ولا همـاني شيء
وذلك حين وقعت عيناي – في صدفة غير سعيدة – على كلمة قديمة لي..
ليست قديمة جداً…وإنما قُبيل سقوط الإنقاذ..
بل قبل سقطوها بنحو شهرٍ واحد…وكانت كلمة ساخرة عن انهيار جنيهنا مقابل الدولار..
وكان الدولار حينها يساوي سبعين جنيهاً..
سخرت…وانتقدت…وهاجمت…وانتظرت استدعائي – كالعادة – من تلقاء جهاز الأمن..
ولكن لم يكن هنالك استدعاء…وإنما رسالة..
والرسالة ليست من الأمن…بل من رئيس الوزراء – ذات نفسه – في ذلكم الوقت..
ولم تكن عن قضية الجنيه وحده..
بل عن مجمل الأوضاع التي كنت أنتقدها ؛ ومنها الجنيه هذا…والكهرباء..
وكانت رسالة نصية رقيقة جداً..
وفيها يقر معتز موسى بمنطقية نقدنا…ويطالبنا بالتفاكر سوياً في إيجاد الحلول..
فالوطن – يقول – وطننا جميعاً ؛ حاكمين…ومعارضين..
قلنا أن الجنيه انبرش أمام الدولار حتى بات سبعون منه تعادل دولاراً واحداً..
أما الكهرباء فقد كانت تقطع حوالي سبع ساعات في اليوم..
لاحظ ؛ سبع ساعات فقط…ولا يشمل القطع هذا أيام العطلات…ومنها الجمعة بالطبع..
كما إنه – أي القطع – كان يتحاشى أوقات الليل..
والأهم من ذلك إنه لم يكن قطعاً يومياً ثابتاً ؛ ولكنه مؤلم على أية حال…سيما في الصيف..
والآن ؛ ألا يحق لي أن أضحك إلى حد البكاء؟..
قارنوا بين القطع في عهد الإنقاذ اللئيمة…والقطع في زمان الثورة العظيمة..
ثم أمنعوا أنفسكم من الضحك إن استطعتم..
وإن أضفتم موضوع الجنيه – إزاء الدولار – إلى موضع الكهرباء فقشقوا دموعكم بس..
فالقطع الآن زادوه من 10 ساعات – نهاراً – إلى 12 ساعة..
وزادوه – ليلاً – من 3 ساعات إلى سبع ساعات..
علماً بأن تعرفة الكهرباء كانوا قد زادوها بنسبة 500%…بحجة تقليل ساعات القطع..
فإذا بالساعات هذه تزيد…بدلاً من أن تنخفض..
ويزيد معها ألم المواطن إذ يكتشف أنه خُدع ؛ فرضوا عليه تعرفة أكثر…وقطعاً أطول..
ثم ازددت ضحكاً – موجعاً – إذ خطرت على ذهني خاطرة..
قال إيه؟……قلت أذكِّر جماعتنا هؤلاء بقصة عمر في عام الرمادة ليقتدوا به..
أو أحكيها لهم إن كانوا لم يسمعوا بها أصلاً..
فهو قد كان حرم على نفسه اللحم – والسمن – مشاطرة منه للناس في جوعهم…و أوجاعهم..
وطفق يأكل الزيت فقط حتى أسود وجهه..
ثم ضحكت…ضحكت ضحكاً شديداً…ضحكت بالحيل…ضكحت وما هماني شيء..
وقلت لنفسي…وفي نفسي : والله بالغت أنا..
طيب خلاص…بلاش الخليفة عمر…أذكِّرهم بحال نظرائهم في فترة الديمقراطية الثانية..
وجنيهنا حينها – للعلم – كان يساوي 3 دولارات..
فأجمع الحاكمون – آنذاك – على التقشف في كل شيء ؛ ليكونوا قدوة للمحكومين..
لا نثريات…لا مخصصات…لا سفريات…ولا فارهات..
اللهم إلا سيارة واحدة فقط لكل وزير – وسيادي – من نوع همبر..
ورئيس وزراء فترة الديمقراطية الثالثة – الصادق المهدي – تنازل عن كل شيء..
عن كل شيء حكومي ذي صلة بمنصبه..
البيت…والسيارة…والنثرية…وحتى أجره الشهري..
فلماذا لا يقتدي بهم جماعتنا هؤلاء فقط في جانب الكهرباء؟…ليكونوا لنا قدوةً؟..
فقط الكهرباء…أأثقلنا عليهم؟..
يعني ليتمتعوا بالنثريات…والامتيازات…والسرايات…والرحلات…والطيبات..
وليضيفوا إلى فارهاتهم فارهات…وإلى صيانات قصورهم صيانات..
فقط الكهرباء ليشاطرونا عذابات قطعها..
وليس كل القطع ؛ والذي يبلغ 12 ساعة نهاراً…و7 ساعات ليلاً..
وإنما ليقطعوها عن مكاتبهم – وبيوتهم – ساعتين فقط ؛ ساعة نهارية…وأخرى ليلية..
فقط ليعانوا معنا مدة ساعتين من القطع..
وأيضاً ضحكت – هنا – ضحكاً أليماً…ضحكت ما هماني شيء…وبكيت وما هماني شيء..
وما زلت !!.
بالمنـــطق
صلاح الدين عووضه
الحـــراك السياسي
8/7/2021