إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

364

تاق برس- تقرير خاص

أصدر الجيش السوداني، الأحد، قرارات بإحالة عدد من الضباط الكبار إلى التقاعد، بينهم سبعة ضباط برتبة لواء ركن، أبرزهم العسكري الشهير والمعروف للشعب السوداني اللواء ركن نصر الدين عبد الفتاح قائد سلاح المدرعات، واللواء ركن حسن بلال، واللواء ركن محمد عبد الله الفكي، واللواء ركن مأمون عبد الرؤوف، واللواء ركن ربيع عبد الله، واللواء محمد عبد الله ادروب قائد القوات الجوية واللواء نادر المنصوري قائد الحرس الرئاسي للمعاش.

كما تمت إحالة عدد من الضباط الآخرين، بينهم قادة متحركات أم صميمة شمال كردفان وقائد كرب التوم شمال دارفور، وأربعة عمداء وهم عميد ركن جمال عمر محمد علي، والمغيرة مبارك علي بابكر، وعبد التواب الأمين إبراهيم طه، والعميد ركن جعفر محمد أبكر حامد.

 

– تصنيفات إسلامية:

وتقول أنباء التصنيفات أن معظم هؤلاء الضباط ينتمون إلى تصنيف تنظيم الحركة الإسلامية.

 

إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

 

وتشير وثيقة صادرة عن حزب المؤتمر الوطني، بحليب “رويترز” إلى الدور المحوري الذي لعبته الشبكات الإسلامية منذ اندلاع الأعمال القتالية في منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على خلفية الخلاف حول إدارة المرحلة الانتقالية، التي حكم فيها المدنيون البلاد لنحو عامين.

وتستعرض الوثيقة أنشطة الإسلاميين أمام قيادة الحزب، وتُنسب إليهم مساهمة مباشرة تتراوح بين 2000 و3000 مقاتل في دعم المجهود الحربي للجيش خلال السنة الأولى من الصراع.

كما تشير أيضا إلى دور الإسلاميين في تدريب مئات الآلاف من المدنيين الذين لبّوا دعوة الجيش للتعبئة العامة، حيث أفادت بأن أكثر من 70 ألفًا منهم انضموا لاحقًا إلى العمليات القتالية، ما عزّز القوات البرية المتراجعة للجيش.

وقدّرت المصادر عدد المقاتلين المرتبطين بشكل مباشر بحزب المؤتمر الوطني بنحو 5000 مقاتل، يخدم معظمهم في وحدات “القوات الخاصة” التي حققت تقدمًا بارزًا للجيش، خاصة في العاصمة الخرطوم.

كما يُقاتل عدد من العناصر المدرّبة من قبل الإسلاميين ضمن وحدة النخبة المعاد تشكيلها التابعة لجهاز المخابرات العامة، وفق ما أفاد به مقاتلون إسلاميون ومصادر عسكرية لـ”رويترز”.

وفي مطلع فبراير 2025 نشر موقع المنشر تقريرا قال فيه إن الحركة الإسلامية تخطط للاستيلاء على الجيش والانقلاب على البرهان من خلال تقديم اللواء نصر الدين عبد الفتاح كبديل له حيث قال الموقع (كشفت مصادر سودانية خاصة لـ “المنشر الإخباري” عن خطط الحركة الإسلامية السودانية (الإخوان المسلمين) للانقلاب على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وتقديم اللواء نصر الدين عبد الفتاح كبديل له. وأوضحت المصادر أن هذه التحركات تتم بتنسيق مباشر مع دولة قطر التي تدعم هذه الخطوة على خلفية تزايد النفوذ القطري داخل الجيش السوداني.

 

إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

وأضاف “المنشر” أن المصادر أكدت أن اللواء نصر الدين عبد الفتاح، قائد سلاح المدرعات في الجيش السوداني، هو الشخصية التي تم اختيارها من قبل الحركة الإسلامية ليحل محل البرهان.

وبحسب زعم الموقع فقد زار الجنرال نصر الدين الدوحة في نوفمبر 2024، حيث التقى مع مسؤولين قطريين في سلسلة من الاجتماعات الأمنية التي اتفقت خلالها قطر على دعمه كبديل للبرهان. ولفت إلى أنه حصل على سكن ومخصصات مالية من قطر، وتمت دعوة أسرته للإقامة هناك.

وأضاف أن اللواء نصر الدين يعد أحد العناصر البارزة في الحركة الإسلامية، وقد خدم في عدة مناصب في الجيش السوداني، أبرزها قائد معهد المدرعات ثم قائد سلاح المدرعات. وانضم إلى الحركة الإسلامية السودانية خلال فترة خدمته في الجيش وكان من أبرز الضباط الملتزمين بتوجهات الحركة.

 

إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

في مقابل كل ماسبق  يطل دوما النفي المتكرر من رئيس مجلس السيادة  السوداني القائد العام للجيش السوداني الفريق ركن عبد الفتاح البرهان، لسيطرة الإسلاميين على تحركات الجيش السوداني وقراراته.

ويرى بعض المراقبين أن القادة العسكريون يحاولون التقليل من شأن الروابط بين الجيش والتيار الإسلامي.

وقالوا إن ذلك نابع من الخشية من تأثير تلك العلاقة على مستوى الدعم الشعبي للجيش السوداني.

وأضافوا أن الإحالات الأخيرة في الجيش السوداني، والتي شملت إعفاء لواءات ذات خلفية إسلامية هي انعكاس مباشر للقاء البرهان و مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، في مدينة زيورخ السويسرية.

وتابعوا أنها تقرأ في سياق التحرك الأميركي لوقف الحرب المستمرة في البلاد والتي خلفت آثارًا كارثية على المستويين الإنساني والسياسي.

وقالوا إن رسالة واشنطن الضمنية تقول: “نحن مستعدون لفتح باب التسوية، لكن بدون الإسلاميين، وبدون مظلات أيديولوجية تعيد إنتاج الأزمات”.

وسبق أن اعترف مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق ركن ياسر العطا الذي شغل منصب رئيس لجنة إزالة التمكين عقب سقوط نظام البشير بأن اللجنة قامت بإنهاء خدمة حوالي 305 من الضباط بالجيش والشرطة وجهاز الأمن ووزارة الخارجية والقضاء والنيابة العامة والإعلاميين بالمؤسسات الحكومية، لانتمائهم للحركة الإسلامية، لكن حميدتي استوعبهم.

ويعضد ذلك الباحث السوداني حاتم إلياس في تصريح له لجريدة الشرق الأوسط حيث قال فيه: ” إن التيار الإسلامي يهيمن على مفاصل الجيش والدولة، ويعتبر استمرار الحرب وسيلة استراتيجية للحفاظ على نفوذه السياسي، بينما أي توجه نحو السلام يُنظر إليه كتهديد مباشر لمكانته، ما يدفعه إلى مقاومة أي جهود تهدف إلى التوصل لاتفاق ينهي النزاع.

إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

ويضيف إلياس أن اتخاذ البرهان لأي خطوة نحو السلام سيكون بمثابة تحول سياسي غير مسبوق، بل وصفه بـ”المعجزة السياسية” بالنظر إلى التعقيدات المحيطة بالمشهد العسكري.

 

ويشير الكاتب صلاح شعيب إلى عدم ثقة متبادل بين فريق البرهان وبين فريق داعميه الإسلاميين.

وقال إن كل طرف في لحظة ما قد يتحين الفرصة للانقضاض على الآخر لو تقاطعت الطرق بينهما. وما يجري الآن من إرهاصات حول وجود خلافات في القوى المكونة لسلطة بورتسودان ربما ينذر بتحول جديد إذا ما أسرع البرهان باتخاذ الحيطة قبل أن تلفظه الحركة الإسلامية بقائد جديد للجيش يسير على هواها السياسي والعسكري معاً.

 

– تجديد دماء الجيش:

على صعيد معاكس أشاد بعض المراقبين بتضحيات هؤلاء الضباط وخدمتهم الطويلة في القوات المسلحة، معتبرين أن هذه الإحالات إجراء روتيني يأتي في إطار إعادة الهيكلة والتجديد في صفوف الجيش.

وينظر البعض للخطوة في سياق عودة الجيش لنظامه الطبيعي بعد فترة من التمرد والاضطرابات، وأنها دليل على عافية القوات المسلحة وقدرتها على الاستمرار في أداء مهامها بفعالية.

حيث يقول الكاتب أبو أحمد عماد أن الإجراء روتيني درجت عليه القوات المسلحة سنويا بجانب كشوفات للترقي وأخرى للتنقلات. مضيفا أن هذا الخبر تلقاه بعض الداعمين للدولة والجيش بالشفقة من واقع الحرب واحتياجاتها من الكوادر البشرية. ومعلوم للمتابعين أن القوات المسلحة أصدرت ترقيات خلال العامين الماضيين بدون كشوفات إحالة للتقاعد بسبب تمرد قوات الدعم السريع وللضرورة التي أوجبتها حرب الكرامة، مما أبرز ترهلا في بعض الرتب خاصة الرتب العليا وحدث تجاوز للاعداد المحددة لكل رتبة مما أورث عدم وجود مهام لبعض الرتب العليا وهنالك وحدات وفرق عسكرية حسب التنظيم بها ضابط واحد برتبة اللواء ولكن بسبب الإجراء السابق أصبح عدد الضباط اثنين برتبة اللواء وهو أمر يخل بترتيب القيادة رغما أن الأقدميات محفوظة.
وأضاف : هذا العام عاد الجيش لنظامه المعهود بالترقيات والاحالات والتنقلات الراتبة السنوية وكذلك الآن تجري معاينات الدخول للكلية الحربية بدفعتين مشاة وأخرى فنية بها كوادر طبية وفنية متنوعة.
ويرى أن الاحالات التي تمت هذا العام دليل عافية فقد عادت القوات المسلحة إلى النسق الطبيعي بعد أن اجتازت المرحلة الحرجة وتوجت ذلك بالانتصارات والانفتاحات الكبيرة خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن الجيش السوداني جيش مهني محترف حافظ على غالبية نشاطاته مثل التجنيد للجنود والتدريب والتأهيل والتطوير والتسليح وغيرها خلال الحرب ولم تتوقف فعالياته، والآن تكتمل المنظومه بكشوفات التقاعد والترقي والتنقلات والاستيعاب لضباط جدد بالكلية الحربية لضخ دماء جديدة.

ومن جانبه، قال مزمل أبو القاسم إن أمثال البطل نصر الدين لا يتقاعدون، إذ سبق له أن خفّ إلى قلعة الصمود والفداء ملبياً نداء الوطن والجيش ومشمراً من المعاش في أحلك ظرفٍ وأصعب مهمة وأحرج توقيت، وقاتل قتال الأبطال دفاعاً عن وطنه وأهله عندما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، فانتصر وسطّر اسمه في سجل الخالدين، وتحول إلى أسطورةٍ للصمود والشجاعة والثبات والفداء والتضحية، مع رفاقه أسود الدروع الذين أذاقوا أعداء الوطن والشعب والدين والإنسانية مُر الحنظل، وزرعوا الأمل في النفوس الوجلة المضطربة، وجعلوا أفئدة السودانيين جميعاً تهوى إليهم حتى وحدوا وجدان الأمة على جدران المدرعات، وكانوا أخوان البنات العلموا الجبل الثبات.

 

إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

وأضاف أن الجيش انتصر في معركة الكرامة بفضل نصر الدين ورفاقه وفرسانه وجنوده البواسل.

فيما أوضح الكاتب ياسر الفادني أن ما جرى من إحالة لبعض الضباط للمعاش وترقية آخرين ليس حدثاً استثنائياً ولا مفاجئاً، بل هو إجراء روتيني مألوف يجري في كل عام داخل القوات المسلحة، تنظيماً للصفوف وتجديداً للبنية القيادية بما يتناسب مع طبيعة المؤسسة العسكرية التي لا تتوقف عند الأفراد، بل تقوم على عقيدة راسخة وتاريخ ممتد لا تهزه قرارات إدارية ولا تغير فيه حركة التدوير الطبيعية.

الكاتب الصحفي عبد الماجد عبد الحميد يرى أن توقيت الترقيات والإحالات داخل الجيش يؤكد اطمئنان قيادته على الإنجاز الأسطوري خلال المرحلة التي مضت

وأشار إلى أن القيادات العسكرية التي ترجلت كان لها سهم في تلك المرحلة وثقه كتاب التاريخ بأحرف من ذهب.

ويحكي عبد الرؤوف طه أنه في أبريل 2023م، بينما كانت سحب الدخان تغطي سماء الخرطوم، لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، هجم الجنجويد على كل مقار الجيش، اختطفوا المفتش العام وضباط معهد المدرعات، أسقطوا مدرعات الباقير، وحاصروا مقر القائد العام ونائبه.

القيادة العامة تحولت لمعركة دامية. كسر الجنجويد منزل القائد العام (بالبوكلن) كل أنواع الأسلحة التي كانت تستخدم في الهجوم على بيت الضيافة بصورة خاصة والقيادة بصورة عامة.
وقال: ساعتئذ كنت عالقاً للحظات بجسر المنشية بعد أن تعذر وصولي إلى مقر مكتبنا ببرج الفاتح، انعطفت من جسر المنشية نحو منزل الصديق مجاهد باسان.

هنالك هاتفت اللواء نادر المنصوري لمعرفة الموقف العام بالقيادة العامة، وقتها انتشرت تصريحات حميدتي في القنوات الفضائية قائلاً إنه بات على مقربة من إحكام السيطرة على القيادة العام، مطالباً البرهان بخيارين الاستسلام أو الاعتقال.

جاء صوت اللواء المنصوري واثقاً ومن تحت لعاع الرصاص قائلاً (نسيطر تماماً على القيادة العامة للجيش، والقائد العام يدير المعركة من مكان آمن)، بثت على الفور تصريحاته على شاشة الجزيرة.
لم تمض دقائق، هاتفته مرة أخرى مطالباً بأخذ تصريحات من البرهان، لا سيما وأن حميدتي ظل في حالة حديث دائم للقنوات بدءاً من الجزيرة مباشر والعربية وإسكاي نيوز.

لم تمض دقائق حتى وجدت نفسي أتحدث هاتفياً مع البرهان، وقد أدلى الرجل بتصريحات صحفية قوية كان لها أثر ميداني بالغ في تثبيت المقاتلين بالعاصمة والولايات وانهت دعاية حميدتي الحربية بأنه يوشك على إحكام السيطرة على البلاد.

وتابع: “في أغسطس، البرهان يغادر القيادة، سارعت بالتواصل مع اللواء المنصوري هل خرجت؟ وكنت أتوقع ذلك وهو قائد الحرس، قال لي إنّه باقٍ مع جنود وضباط الحرس الرئاسي في القيادة، قوة الحرس كانت في تماس مباشر مع الجنجويد المنتشرين بحي المطار ومقر جهاز المخابرات العامة، ثم أضاف: سنقاتل لنكون شهداءً أو أبطالاً ثم ردد دعاءه الشهير (اللهم ألطف بنا فيما جرت به المقادير”.
وأشار إلى أن المنصوري ظل في تماس هو جنوده مع الجنجويدي – بحسب وصفه- حتى بعد فتح الطريق إلى القيادة العامة، حيث ظل الجنجويد ببرج جهاز المخابرات حتى خواتيم مارس.

بعدها بلغني بأنه نقل من الحرس الرئاسي إلى وحدة أخرى، سألته؟ فقال تعليمات الجيش تسري وقد باشر مهامه من موقعه الجديد.

اليوم غادر صهوة جواد الجيش ويقيني أنه متقبل لقرار الإحالة وهو الأكثر صرامة في التقييد بمقاليد الجيش.

إحالات ضباط الجيش إلى التقاعد.. مهنية احترافية أم أنّ المِشْرط الأمريكي بدأ إجراء عملية السلام في السودان؟

يذكر أنه في فبراير 2025 قدمت قيادات عسكرية رفيعة مقترحاً للقائد العام للقوات المسلحة السودانية يقضي بإحالة قائد الحرس الرئاسي اللواء نادر المنصوري إلى المعاش أو نقله من الحرس الرئاسي إلى موقع آخر في محاولة لإبعاده بحسب – الرأي السوداني-.

وأشار المصادر إلى أن القائد العام لم يرد على المقترح في حينه. كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في تلك الأيام حملة دعم كبيرة للواء نادر المنصوري، حيث أطلق النشطاء وسم #لا_لنقل_اللواء_نادر رفضاً لهذا المقترح، مؤكدين أنه رمز للتفاني والاحترافية داخل القوات المسلحة السودانية.
ويُذكر أن اللواء المنصوري قدم تضحيات كبيرة مع قواته أثناء صد الهجوم الأول لقوات الدعم السريع على القيادة العامة، مما جعله يحظى بتقدير واسع داخل وخارج المؤسسة العسكرية.

مراقبون أشاروا إلى أن توقيت هذا المقترح قد يكون مؤشراً على وجود أطراف تعمل داخل الجيش لتحقيق مصالح شخصية، وتتهم هذه الأطراف بمحاولة الإضرار بالعسكريين المهنيين الذين يؤدون واجباتهم بإخلاص.

whatsapp
أخبار ذات صلة