هاجر سليمان تكتب عن قصة تفوق (450) تلميذا كانوا تحت سيطرة التمرد

41

قصة تفوق (450) تلميذا كانوا تحت سيطرة التمرد

وجه النهار

هاجر سليمان

حوائط مدارس شرق النيل تحكي قصة أليمة مع المليشيا.

 

بدأت القصة حينما انقطع سكان شرق النيل عن العالم وأصبحوا جزيرة معزولة تقع تحت سيطرة المليشيا التي فعلت الأفاعيل بالسكان وقامت بنهب المؤسسات التعليمية حتى أسقف المدارس وأبوابها ونوافذها لتتركها حوائط بالية تحكى عن قصة أليمة من داخل الحرب راح ضحيتها الاطفال قبل الكبار .

في الحاج يوسف حينما انعزل المواطنون بفعل التمرد الذي كان يصم أي مواطن بأنه (أبلداي) و(فلول) قامت مجموعة من شباب مربعات (٢٠، ١٦، ٢) بعمل مبادرة تعليمية طوعية خيرية كانت تهدف لبدء العملية التعليمية بالعاصمة لإلهاء التلاميذ وتخفيف أثر صدمة الحرب من جانب ومحاولة الحاق التلاميذ برفاقهم الذين بالولايات وعدم حرمانهم من التعليم حتى لايصبحوا فاقدا تربويا من جانب آخر.

وبدأت العملية التعليمية بنحو (٣٥٠) تلميذا وكانت ضربة البداية في الأول من مارس ٢٠٢٤م للمراحل التعليمية رياض أطفال، ابتدائي، متوسط وسارت العملية على ما يرام ولم يكن مطلوبا من التلاميذ سوى دفع مبلغ ألفي جنيه أسبوعيا لشراء مياه الشرب التي كانت المنطقة تعاني من فقدانها.

ورويدا رويدا بدأت المليشيا تمارس ضغطا على السكان بالاعتداء عليهم ومحاولة إرهاب المواطنين وعمليات النهب والسلب مما أدى إلى نزوح وتشريد أعداد كبيرة من السكان فانحسرت أعداد التلاميذ حتى أنه أصبحت أعدادهم لا تتجاوز خمسة إلى عشر تلاميذ في الفصل الواحد ورغم ذلك المبادرة الطوعية واصلت عمليتها التعليمية مع ما تبقى من تلاميذ، وعندما ارتفعت وتيرة النهب وخطف المواطنين والمطالبة بفدية نظير إطلاق سراحهم تم إيقاف العملية التعليمية حفاظا على أرواح التلاميذ والمعلمين والمعلمات وبعدها أتى الفرج وتم تحرير الحاج يوسف ليأتي الصباح وتشرق شمس الحرية من جديد.

وعاد المواطنون وعاودت المبادرة نشاطها الذي بدأته بمدرسة الرميساء ثم نقلته إلى مدرسة النور وتنامى عدد التلاميذ حتى تجاوز (٤٥٠) تلميذا بمختلف المراحل التعليمية وعندها اتجهت المبادرة لجمع مبلغ خمسة آلآف جنيه كل أسبوع إسهاما في كلفة شراء الماء والطبشور وإفطار المعلمين.

ثم جلس التلاميذ لامتحانات الصف السادس وحققوا نسبة نجاح عالية جدا لجميع الطلاب عدا خمسة تلاميذ وكان أن تبوأ ثلاثة من تلاميذ المبادرة مقاعدهم بين العشر الأوائل على مستوى محلية شرق النيل .

وأيضا جلس تلاميذ المرحلة المتوسطة للامتحانات انطلاقا من مركز مدرسة الرائد وأيضا نجح جميع الطلاب عدا سبعة فقط وحققوا نسب نجاح عالية وتبوأ خمسة منهم مقاعدا وسط العشرة الأوائل لمحلية شرق النيل محققين بذلك تفوقا وتحديا للحرب.

بالأمس قامت المبادرة التي يرأسها الأستاذ الفاتح قسم السيد بتكريم الطلاب المتفوقين في احتفائية ضخمة حضرها عدد من رموز شرق النيل وثمن الأستاذ الفاتح دور شباب المربعات المحيطة وإسهامهم الفاعل في دفع العملية التعليمية وأشاد بدور الأستاذة ثريا الحاج وكيل مدرسة النور التي وجهت بفتح المدرسة لاستقبال التلاميذ وبهذا أعلنت المبادرة انتهاء مهمتها الجليلة في خدمة التلاميذ فكانت المبادرة (صاحبة في الزمن الصعب) حاضرة وشاهدة على العصر وقدمت تضحيات من أجل عدم حرمان التلاميذ.

أثناء الاحتفالية أعلن التلاميذ أنهم وأساتذتهم على قلب رجل واحد خلف القوات المسلحة.

التحية للمبادرة وشبابها ومعلماتها والتحية للتلاميذ الذين أصروا على تحقيق النجاح في زمن دب فيه الخوف فى النفوس وحلّ محل الطمأنينة.

whatsapp
أخبار ذات صلة