يسرية محمد الحسن تطالب رئيس الوزراء: “اعط العيش لخبازه”

421

اعط العيش لخبازه

يسرية محمد الحسن

الحمد لله الذي كتب لنا هذه الحرب التي بحوله وقدرته فرقت بين الغث والثمين والحق والباطل، رغم بشاعتها وسوء منقلبها وحصد أرواح الشباب الغر الميامين، ورغم الدمار الهائل والبشع الذي طال كل شيء ولم يستبق شيئًا.

إلا أننا نحمده ونشكره إذ تبين لنا جليًا العدو من الصديق والقريب من البعيد والصالح من الطالح والأصيل من الزائف، كل شيء ظهر وبان على حقيقته، فلم يكن هناك مجال للتخفي والتصنع والتنطع والزيف والسراب.

أعجب كثيرًا لأولئك الذين يملأون الاسافير زعيقًا ولطمًا للخدود على سلطة انسربت من بين أيديهم كما ينسرب الماء من الوعاء المقدود. أولئك الذين أتوا من نواحي الكرة الأرضية الأربع لا يعرفون شيئًا لوطن غادروه شبابًا غرًا وأتوا إليه بعد المشيب يطمعون في حكمه بعد أن ركلوه ليلحقوا بنعيم الدنيا الزائل في بلاد الفرنجة.

قوى الحرية والتغيير كما يسمون جمعهم نراهم الآن بعد أن انكشف الغطاء عن الوعاء الأسن نتن الرائحة، وكيف ارتموا تحت أقدام الأعداء مناصرين للعدو الجاهل فقير الدين والوطنية مهرولين من بلاد وبلاد إلى بلد راس الحية طمعًا في المال ورجاءً وتمني لعودة تحملهم إلى كراسي الحكم التي فارقوها بإرادة الشعب، مرغمين مطرودين ولعنات الغلابة تطارددهم أينما ذهبوا وأينما حلوا، بعد ما ولغت أيديهم النجسة في دماء الأبرياء.

وأعجب كثيرًا للغريب عن الوطن وهو يقوم بتوزيع صكوك الوطنية من منظور ما خبره وتعلمه في بلاده، بلاد الفرنجة التي يحمل هويتها، وكيف من بين عشية وضحاها كان الأمر الناهي في بلادنا الغريب عنها في كل شيء، كما فرعون زمانه القائل ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.

آلة الضلال الإعلامية الضخمة وبإيعاز من كبار الأسياد في بلاد الخليج وبكل قوة عين وبجاحة وعدم أخلاق ترمي تنظيم الإخوان المسلمين بكل ما هو شائن وقبيح. مالهم الإخوان المسلمون؟ لا ينكر ناكر جميل ومن في عينيه وقذ انجازات الإنقاذ في فترة حكمها للبلاد، عمرت الأرض بالمباني والكباري والطرق والاتصالات وشيدت المدارس والجامعات والمشافي والمستوصفات.

وهنا بيت القصيد، لكل تجربة حكم انجازاتها وإخفاقاتها، فهي في البدء والمنتهى تجارب إنسانية تخضع للخطأ والصواب. نعم بقدر ما كانت هناك انجازات ضخمة للإسلاميين كانت هناك أخطاء اعترفوا بها، والاعتراف بالحق فضيلة.

لماذا نحن من غير شعوب الأرض من حولنا حظنا عاثر في قيادات البلد؟ لا أعني قطعًا رئيس مجلس السيادة ونوابه الأعزاء، لكني أعني الشق الآخر في الحكومة المدنية.

إن كان معالي الدكتور كامل إدريس الذي غاب عن السودان سنين عددًا لا يعلم عن الكفاءات الوطنية الحقة إلا القليل ممن أشار إليهم بهم مستشاروه الموقرون، فهناك الوطنيون من السلطان الرابعة من الإعلاميين والصحفيين الخبراء في المجال لم يقصروا أبدًا.

إنساب مداد أقلامهم سيلًا عرمرمًا ما بخلوا بشيء. الوجوه التي كلفت بالوزارة الجديدة للدكتور كامل إدريس لا نعرف منهم إلا القليل. أمنياتنا لهم بالتوفيق.

أفرازات الحرب اللئيمة غبشت الرؤيا عن الكثير مما هو مطلوب الآن وعلى وجه السرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالدمار الكبير الماثل الآن أمام أعين الجميع يتطلب رجالًا ذوي خبرات واسعة في العمل العام خبروا الوطن بقعة إثر بقعة ومنطقة إثر الأخرى، ويعلمون أين العطب ويملكون من الخبرات التراكمية الكبيرة ما يستطيعون به من النهوض بقطاعات مهمة جدًا، كالقطاع الصحي مثلًا.

لماذا حكومة كفاءات مستقلة؟ كثير منهم لم يلج العمل العام في واقعته، يعني ننتظر التجريب. وما لهم الإسلاميون وغيرهم من الكفاءات والخبرات والعقول الكبيرة التي عملت وخدمت وقطفنا ثمار جهودهم أمنًا وسلامًا عطاءً منقطع النظير في كل موقع وكل بقعة وكل مكان.

القطاع الصحي هو الأكثر تضررًا جراء الحرب، وليس من سمع كمن رأى. عشنا أهوال الحرب وجنجويدها وكيف تقطعت سبل العلاج والتعافي لعدد كبير من المواطنين في أنحاء العاصمة كافة، لا لشيء إلا لأن العدو كان يوظف مشافي الولاية ومراكزها الصحية المنتشرة في العاصمة الخرطوم وضواحيها لخدمة منسوبيهم ومقاتليهم أولًا، ومن بعد ذلك المواطن المغلوب على أمره.

رغم الاستبداد الجنجويدي والتحكم في أمور البلاد والعباد بعاصمتنا التي أحالوها إلى رماد، فقد وجد المواطنون العلاج بعد ذلك. في هذا المقال أجد الفرصة للمرة العشرين بعد المائة لأقول وبالصوت العالي للسيد معالي رئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس: انظر في مطالباتنا ببروفيسور مامون حميدة ليتولى بدلًا عن بروفيسور معز عمر بخيت الذي طلب إعفاءه، لعلة أصابته لعله يستجيب، فهو ابن بار للسودان وأهله، وهو صانع النهضة الصحية الكبرى في مشافي ولاية الخرطوم إبان توليه وزارة الصحة الولائية بالخرطوم.

سيرة الرجل ومسيرته العطرة تنبئ عنه ووطنيته وإخلاصه لشعبه ومرضاه. أحس بالامتعاض والقرف من سريان رؤى وأفكار وخبث ومكر قحت لتشويه صورة عظماء الإسلاميين ممن استحقوا منا الشكر والعرفان بفضلهم علينا، لا سيما البروف مامون حميدة الذي لم يبخل حتى بماله الخاص خدمة للبلاد والعباد.

مَن مِن الشعب السوداني لا يعترف بفضل هذا الرجل وتفانيه في خدمة الوطن؟ معالي الدكتور كامل إدريس رئيس الوزراء، نراك من أبناء السودان الحادبين على نهضته، فلا تأخذك في الحق لومة لائم. مالهم الإسلاميون؟ اعقلها وتوكل. واعط العيش لخبازه.

 

يسرية محمد الحسن

صحيفة أخبار اليوم

الخرطوم

whatsapp
أخبار ذات صلة