تقرير صادم: السودان يبيع ذهبه ويستورد خبزه.. ثقب الميزان التجاري يتسع
تاق برس- تقرير خاص
أظهر التقرير السنوي لبنك السودان المركزي حول التجارة الخارجية للنصف الأول من العام الجاري أن الذهب ما يزال يقود قائمة الصادرات السودانية بإجمالي 1.354 مليار دولار، فيما بلغت عائداته الفعلية 883.5 مليون دولار، ليظل التعدين المصدر الأبرز للنقد الأجنبي في ظل تراجع القطاعات الإنتاجية الأخرى.
وبحسب التقرير، ارتفعت الواردات إلى 2.641 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى يونيو، وجاء القمح في مقدمة السلع المستوردة بقيمة 789.496 مليون دولار، الأمر الذي يوضح اعتماد البلاد شبه الكامل على الخارج لتأمين السلع الغذائية الأساسية.
وبالمقارنة مع العام 2024، فقد سجلت الصادرات 3.134 مليار دولار مقابل واردات بلغت 4.911 مليار دولار، وهو ما يكشف عن تراجع في الأداء التصديري وزيادة فاتورة الاستيراد خلال العام الجاري، ما أدى إلى استمرار العجز في الميزان التجاري.
هشاشة هيكل الصادرات
يرى خبراء اقتصاديون أن استمرار هيمنة الذهب على الصادرات يعكس هشاشة الهيكل الاقتصادي للسودان، خاصة بعد خروج الزراعة والبترول والصمغ العربي من دائرة الصادرات الفاعلة.
ويؤكدون أن الاعتماد المفرط على سلعة واحدة يعرّض البلاد لمخاطر تقلبات الأسعار العالمية، وهو ما قد يفاقم الأزمة إذا لم يتم تنويع القاعدة الإنتاجية.
تأثير الحرب والاضطرابات
وأشار التقرير إلى أن الحرب الدائرة منذ أكثر من عام ونصف أدت إلى تراجع الإنتاج الصناعي وتعطيل البنى التحتية اللوجستية، ما أثر على حركة التجارة الخارجية وجذب الاستثمارات. كما ساهمت الاضطرابات في زيادة الضغوط على سعر الصرف واحتياطيات النقد الأجنبي.
سيناريوهات وتوصيات
ويحذر المراقبون من أن استمرار هذا الوضع قد يقود إلى “اقتصاد أحادي المصدر”، داعين إلى وضع استراتيجية عاجلة لإحياء الزراعة وتشغيل الحقول النفطية وإعادة تنشيط صادرات الصمغ العربي، باعتبارها بدائل أكثر استدامة لرفد الخزانة العامة بالعملات الصعبة.
وفي المقابل، يشير مسؤولو الشركة السودانية للموارد المعدنية إلى ارتفاع إنتاج الذهب من 43 طناً في 2022 إلى 64 طناً في 2024 بإيرادات بلغت 340 مليار جنيه، فيما بلغ الإنتاج خلال النصف الأول من 2025 حوالي 37 طناً. لكنهم يؤكدون أن هذه الطفرة تحتاج إلى ضبط وتنظيم أسواق التعدين ومكافحة التهريب حتى تنعكس على الاقتصاد الكلي بصورة ملموسة.