ليبيا… تخوّف في الكفرة تحسباً لانتقال الكوليرا عبر لاجئي السودان

37

الوكالات – متابعات تاق برس- استنفرت الحكومة المكلّفة من مجلس النواب في ليبيا أجهزتها الصحية في جنوب شرق البلاد، لا سيّما في مدينة الكفرة، بعد تصاعد المخاوف من انتقال الكوليرا الذي تفشّى في عدد من ولايات إقليم دارفور السوداني المتاخم للحدود الليبية.

 

وقال رئيس غرفة الطوارئ لدى وزارة الصحة بالحكومة المكلّفة من مجلس النواب إسماعيل العيضة، لـ”العربي الجديد”، إنّ هذا الاستنفار جاء نتيجة الإعلان عن الوفيات المقلقة التي أعلنها الجانب السوداني، الأمر الذي يعكس ارتفاعاً في مؤشّرات تفشّي المرض. وأعرب العيضة عن قلق ليبيا في هذا الخصوص، لا سيّما في الكفرة، أقرب المدن إلى الحدود السودانية، فهي وجهة للاجئين السودانيين، الأمر الذي يجعلها أكثر مدن ليبيا عرضة للخطر.

 

وبشأن استعدادات الحكومة، ذكر العيضة أنّ المؤسسات الصحية التابعة لبلدية الكفرة استجابت لأوامر رفع حالة الطوارئ قبل أيام، وهي في أعلى درجات الاستعداد لأيّ مستجَدّ محتمل، مؤكداً أنّ “أيّ إصابة لم تُسجَّل في المدينة” حتى الساعة.

ومن الاستعدادات التي أجرتها بلدية الكفرة بدعم من وزارة الصحة، تجهيز قسم عزل خاص بسعة 40 سريراً، بالإضافة إلى قسم طوارئ وإيواء بسعة 120 سريراً، فيما لفت العيضة الى تجهيزات أخرى من بينها محاليل وأمصال بدأت تُوفَّر، ومستلزمات للتعامل مع حالات الكوليرا في حال رصدها.

 

وأوضح العيضة أنّ السلطات، في خطتها الوطنية للطوارئ بشأن الكوليرا، تركّز بصورة أساسية على مدينة الكفرة إذ إنّها الوجهة الأولى للهاربين من حرب السودان، لافتاً إلى أنّ الخطة تشمل عدداً من الوزارات والهيئات المعنية، وتقضي بإجراءات استباقية بهدف الرصد والتقصّي. وتحدّث العيضة لـ”العربي الجديد” عن تكثيف الفرق الميدانية عمليات رصدها وتقصّيها في تجمّعات اللاجئين السودانيين، مبيّناً أنّ تزايد أعداد هؤلاء يمثّل عبئاً إضافياً على البلدية وكذلك على وزارة الصحة، لجهة التحدّي لتوفير احتياجاتهم الضرورية، لا سيّما الرعاية الصحية.

 

وأكد أنّ “هذا التزايد يمثّل تحدياً للأطقم الطبية المحلية”، مشيراً إلى أنّ وزارة الصحة في ليبيا طالبت المنظمات الدولية بتوفير عناصر إضافية من الكوادر الطبية لتسهيل تقديم خدمة الرعاية الصحية ودعم جهود الرصد والاستجابة السريعة.

 

ورأى رئيس غرفة الطوارئ لدى وزارة الصحة بالحكومة المكلّفة من قبل مجلس النواب أنّ إعلان منظمة الصحة العالمية عن رصد الكوليرا في السودان كان لا بدّ من أن يأتي بموازاة استجابة دولية لمطالبة السلطات الليبية بتلبية احتياجات مدينة الكفرة، خصوصاً أنّها تعاني من أزمة إنسانية من جرّاء توافد السودانين الهاربين من الحرب، ما يعني أنّها قضية إقليمية ودولية وليست ليبية فحسب. ولفت العيضة إلى أنّ المخاوف زادت في الجانب الليبي بعد تأكيد منظمة الصحة العالمية انتشار الكوليرا في أكثر من 18 ولاية سودانية، وسط تسجيل مئات الوفيات وآلاف الإصابات.

 

 

وبينما قدّمت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بعض المساعدات إلى ليبيا، انتقد العيضة ضعف الاستجابة الدولية، لافتاً إلى أنّ ثمّة مسؤولين دوليين وأمميين زاروا الكفرة وتعهّدوا بتقديم المساعدة للنازحين، غير أنّ ما قُدّم جاء ضئيلاً جداً مقارنة بحجم الوعود، مشيراً إلى أنّ السلطات الليبية ما زالت تتحمّل أعباء كبيرة تفوق قدراتها.

 

 

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت، في أغسطس/ آب 2025، أنّ السودان سجّل نحو 100 ألف إصابة بالكوليرا منذ يوليو/ تموز 2024، محذّرةً من أنّ الأزمة الصحية تتفاقم على نحو خطر بفعل النزاع المسلّح وما أفرزه من نزوح واسع النطاق وسوء تغذية وانتشار للأمراض. وأوضح مسؤولو المنظمة أنّ ولايات السودان كلها صارت متأثّرة بتفشّي المرض، وأنّ الوضع الصحي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعاناة الإنسانية التي تسبّب فيها استمرار القتال.

 

وفي حين لم تعلن السلطات الليبية عن أيّ إحصاءات دقيقة بخصوص أعداد السودانيين على أراضيها بعد فرارهم من الحرب في بلادهم، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنّ أعداد السودانيين الذين لجأوا إلى ليبيا، منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف إبريل/ نيسان 2023، تجاوزت 313 ألفاً حتى يونيو/ حزيران 2025، وسط توقّعات بارتفاع العدد إلى أكثر من 650 ألفاً بحلول نهاية العام الجاري.

 

وبيّنت المفوضية الأممية أنّ عدد اللاجئين الذين يتدفّقون من السودان عبر الحدود الجنوبية لليبيا يتراوح يومياً ما بين 300 و600 شخص، الأمر الذي يمثّل زيادة ملحوظة مقارنة بإحصاءات فبراير/ شباط 2025 التي قدّرت عددهم بنحو 240 ألفاً. لكنّ تقديرات محلية لبلدية الكفرة تشير إلى أنّ المدينة وحدها تستضيف أكثر من 65 ألف سوداني، أي ما يفوق عدد سكانها الليبيين المقدّر بـ60 ألف نسمة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول توزّع بقية الوافدين على مناطق أخرى في الجنوب، وسط غياب إحصاءات ليبية رسمية.

 

 

 

في هذا السياق، قال الناشط الإغاثي الليبي أنور الزوي لـ”العربي الجديد” إنّ الخطر الأكبر لا يكمن في الوافدين السودانيين المنتشرين في البلاد، بل في موجات النزوح الجديدة، لا سيما مع استمرار دخول المئات يومياً، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف احتمالات انتقال الأمراض المعدية.

 

وحذّر الزوي من أنّ إهمال السلطات الليبية الشفافية وأهمية رصد أعداد الوافدين يزيد من حجم التهديد الصحي، مشيراً إلى أنّه عامل يُضاف إلى عوامل أخرى، من بينها الضعف التي تعانيه المنظومة الصحية الليبية التي لم تستطع مواجهة تفشّي أمراض أقلّ خطورة من الكوليرا.

 

ورأى الزوي وجوب أن يتنبّه المواطنون إلى مصادر انتقال الكوليرا، من بينها مياه الشرب، وشدّد على ضرورة تكثيف حملات التوعية المجتمعية في هذا الإطار. وتابع الزوي أنّ أوضاع اللاجئين من السودان إنسانية صرفة بالتأكيد، ولا بدّ من تقديم كلّ ما أمكن لهم، “لكن في ظلّ هذا الظرف الحرج، ومن باب الاحتياط، لا بدّ من إنشاء نقاط علاجية معزولة خارج تجمّعات السودانيين القائمة من أجل الوافدين الجدد، بهدف الحدّ من انتقال العدوى، إلى جانب توسيع حملات العزل لتشمل مناطق أخرى. حتى الآن، من الواضح أنّ التركيز يتموضع في الكفرة، في حين أنّ ثمّة وافدين آخرين يصلون إلى مناطق مجاورة للكفرة وأخرى بعيدة عنها.

 

 

المصدر:  العربي الجديد

whatsapp
أخبار ذات صلة