محاكمة البشير.. تفاصيل جلسة مشحونة بالإتهامات والمساجلات العنيفة

737

الخرطوم “تاق برس” – اتهامات عنيفة نفثتها هيئة الدفاع عن الرئيس المخلوع البشير في وجه هيئة الاتهام ممثلة في النيابة العامة واعضائها ، تبعتها مساجلات بينهما حسمتها المحكمة بقرارات سريعة، بعد فشل الدفاع في احضار آخر شهوده واعفائها آخر وعدم احضاره بإدعاء تعرضه للتهديد وخوفه على نفسه من ضغوط النيابة.

وتعلل الدفاع بخطاب بعدم جدوى الشهادة  من المراجع العام لعدم وجود تقرير مراجعة ورفضه الحضور جميعها جعلت من جو الجلسة ساخنا رغم برودة جو القاعة بفعل مبردات الهواء ، بائنا والشد والجذب قائما بين الاتهما والدفاع وعدم الرضا من ذوي ومريدي البشير الذين تعالت اصواتهم في نهاية الجلسة الحافلة بالمفاجآت .

في خطوة لم تكن متوقعة والجميع في حالة ترقب لما ستفصح عنه هيئة الدفاع من شهود قال هاشم ابوبكر الجعلي ممثل الدفاع  انهم لديهم شاهدي دفاع تم اعلانهما بالحضور للمحكمة هما الدكتور فضل عبدالله فضل وزير رئاسة الجمهورية السابق والدكتور مسلم احمد الأميري آخر وزير دولة بوزارة المالية ، بجانب طارق سر الختم مدير شركة سين لم يلتزم الدفاع باعلانه او من يمثل الشركة ، اما فيما يتعلق بالطاهر عبد القيوم المراجع العام الذي تم اعلانه بواسطة المحكمة فان الدفاع خاطبه بالغرض من الشهادة وجاء رده بخطاب مكتوب افاد فيه أن شهادته غير مجدية في عدم وجود تقرير مراجعة ،والتمس الجعلي إيداع رد المراجع بالمحضر ضمن المستندات لأن القضية تتمحور وتم بعدة مراحل في التقاضي، بيد أن المحكمة رفضت قبول الخطاب وقالت انها ستتولى احضار الشاهد للادلاء بشهادته وايداع الخطاب بنفسه بالمحكمة .

إلى هنا كانت الجلسة تسير كسابقاتها إلى ان فاجأ الجعلي الجميع بان الدكتور مسلم احمد الأميري وزير الدولة السابق بوزارة المالية حضر إلى المحكمة ،ولكن طرأت عليه ظروف اراد الشاهد والدفاع ابلاغ القاضي بها خارج القاعة لحساسيتها ،ولكن وبحسب ما افادته الشرطة رفض القاضي الحديث خارج قاعة المحكمة مضيفا بانهم لم يوكونوا يريدون الحديث عن جهاز من أجهزة العدالة منوط به أن يحقق العدالة لا أن يتكسب منها تكسبا مهنيا.

عندها ساد القاعة صمت مريب وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة التي فجرها الجعلي وهو يكيل عاصفة من الاتهامات قائلا بأن سلوك النيابة العامة تواتر في التأثير على شهود الدفاع بالإستدعاء والتهديد المعلن والخفي ،ما اضطرهم لبث الشكوى خارج القاعة ، ولعدم حدوثه لاسباب قدرها القاضي ،وجد انه لا مناص من الأفصاح عنها حتى يعلم بها الغاشي والداني ، مستشهدا بان النيابة استدعت وحبست الشاهد حاتم حسن بخيت مدير مكاتب الرئيس السابق وقيدت ضده بلاغا بالإشتراك مع المتهم في هذا البلاغ ، ونظرا لكيدية البلاغ واسبابه اضطرت النيابة لشطبه وقدم صورة من قرار الشطب للمحكمة .

وواصل الجعلي بان فتح البلاغ ضد “حاتم” كان مؤثرا على البلاغ إذ أنه الشاهد الوحيد الذي استلم المبلغ من مصدره ، وبناء على ذلك قررت المحكمة أخذ شهادته بحذر باعتباره شريكا في التهمة لافتا  إلى ان محاولة الاتهام الغرض منها اضعاف موقف الدفاع  .

في اتهاماته العديدة التي ساقها الجعلي لفت إلى أن هيئة الاتهام اتصلت بشهود حضروا  للادلاء بشهادتهم من بنك السودان المركزي والجمارك، مشيرا إلى أن الشاهد الاخير وبعد حضوره إلى المحكمة للشهادة في الجلسة الحالية طلب من الدفاع اعفائه من أداء الشهادة ، وبرر ذلك لتخوفه لما قد يصيبه من ضرر ملمحا إلى اتصال النيابة بالشاهد وقال انه يكتفي بذلك دون الخوض في تفاصيل الاتصال ، واردف بانهم لم شاءوا أن يستفيد موكلهم الذي يواجه هذه الاتهامات على حساب آخرين قد تتأثر مصالحهم  ومعاشهم ،والتمس من المحكمة الموقرة إعمال سلطاتها بموجب المادة (15/2) من لقانون الجنائي المتعلقة بالجرائم  المؤثرة او المحاولات التأثير على سير العدالة.

وختم الجعلي حديثه متأسفا على اللجوء للسرد السابق ،وقال ان واجبهم الاخلاقي يحتم عليهم الدفاع عن موكلهمم ومواجهة العقبات المؤثرة على سير العدالة ، ملتمسا من المحكمة أخذ العلم بما حدث وفتح الباب امام هيئة الدفاع لإستكمال قضيتها بعدالة وشفافية .

جاء رد النيابة قويا على الاتهامات وطالب ياسر البخاري رئيس هيئة الاتهام  المحكمة بمنح الدفاع الاذن لاتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة اعضاء النيابة ، وجزم بان ليس من بينهم من يفعل ذلك مبرئا ساحة اعضاء النيابة من مثل الاساليب والاتهامات التي ذكرها الدفاع ،وطالبه باثبات اتهاماته وتوعد بمحاسبة من نسب إليه الاتهام، وقال البخاري أن التاريخ يسجل بأن النيابة خصما شريفا ولا تلجأ لمثل هذه الاساليب .

ومضى البخاري مفندا  طلب الدفاع بانه منح الفرصة الكاملة لسماع شهوده واستمعت المحكمة لعدد (14) شاهدا وإن كان لهؤلاء الشهود قيمة لاوردهم الدفاع في قائمته ، مردفا إما يتعلل الدفاع بسلوك  مشين للنيابة للاستغناء عن بعض الشهود أمر لا نقبله، فإذا كان له شهود عليه إحضارهم لمناقشتهم امام المحكمة والرأي العام ،ووصف البخاري ما يقوم به الدفاع محاولة لإطالة أمد إجراءات المحاكمة .

وأمن الجعلي في تعقيبه على رد النيابة بأن القضية تعتبر اول سابقة قضائية من هذا النوع ، واصفا سلوك النيابة بالمضطرب ، مؤكدا بأنه كان شريفا كما نعلم ،ولكن في هذه القضية التي تتناقلها وسائل الاعلام العالمية ارادت النيابة أن تحقق كسبا مهنيا غير مشروع ، وباهى الجعلي بأنه يتحدث بلسان  (130) محامي وغيرهم من الالآف خارج المحكمة للدفاع عن البشير ، والقول أن الدفاع منح فرصة كاملة لاحضار الشهود ليس شأن النيابة وإنما  المحكمة هي من تقدر الظروف حسب مايطرح امامها، اما فيما يتعلق بشهود الدفاع وحجية ما افادوا به ، تقدره المحكمة التي امامها الحجج الناصعة التي يرى انها برأت موكلهم من اكل المال الحرام ولا يضيره من بعد ذلك شيئا ، نافيا مارمى إليه الاتهام بمحاولتهم تطويل الإجراءات لا سند له ، وقال الجعلي أنهم لا يستمتعون بالحضور لباحات المحاكم لقضاء الفراق وإنما يمثلوا لاداء مهنة شريفة ، وخطرة المآلات، وانهم اوردوا قائمة بالشهود للمحكمة للسماح باربعة شهود اضافيين وهم بذلك لم يستدوا الاتهام ولا المحكمة إنما مارسوا حقهم القانوني والدستوري  وشرعيا حسب تقلبات مسار الدعوى ، نافيا أسي سلوك مشين او مخالف لقانون المحاماة وقانون الترافع في أي مكان ، معلنا تمسك هيئة الدفاع بما طلبوا من المحكمة ، واشهد الجعلي تاريخ البلاد على مخالفات القانون وتجاوزه من أجل محاكمة شخصا كان رئيسا للجمهورية ، واكد تمسك الدفاع بكامل حقوق موكلهم مهما كانت النتائج ،إبتغاء محاكمة عادلة يتوقعها الدفاع من المحكمة الموقرة ،ولفت الجعلي إلى أنه امر الاميري وزير الدولة بالمالية بالاتصراف خوفا مما قد يتعرض له من تهديد.

بعد اخذ ورد عاصف حول الاتهامات المتبادلة مابين الدفاع الاتهام جاء قرار المحكمة حاسما للجدل وقال القاضي الصادق عبدالحمن الفكي أن ممثل الدفاع تقدم بطلب ملتمسا تدوين بلاغات في مواجهة اعضاء النيابة العامة لما يقومون به من تأثير على سير العدالة بموجب المادة (15/2) من القانون الجنائي بأن النيابة تمارس ضغوطا على الشهود ، ومن ضمنهم حاتم حسن بخيت لابعاد شهادته والذي تم شطب البلاغ في مواجهته بموجب المادة (57) إجراءات ،بجانب الشاهد مسلم الذي انصرف بسبب ما تعرض له من قبل النيابة من ضغوط ، واشار القاضي إلى استنكار الاتهام اتهامه بالتأثير في الشهود ومطالبا الدفاع باثباته وان الاتهام عزا الطلب لفشل الدفاع في احضار شهوده.

ورأت المحكمة انه وبعد الاطلاع على المحضر ،وجدت انها استمعت إلى (14) شاهد دفاع ، وامهلت الدفاع فرصة لاحضار الشهود لجلسة الخامس من اكتوبر إلا انه فشل في ذلك ، وانتهج طريقا مغايرا  بتقديم طلب فحص للاستئناف وتم إعادة الملف للمحكمة والامر بالسير في الإجراءات ، وفي الجلسة السابقة إلتزم الدفاع باحضار الشهود لكنه فشل في ذلك ايضا ولم يكلف نفسه العناء. واحضرت سلطات السجن الشاهد رقم (14) عبد الرحيم محمد حسين مخفورا لانه قيد الحبس.

وبالرغم من الرفض الذي قدم من الاتهام كانت هذه الجلسة المنعقدة أمس لاحضار الشهود الذين التزموا باحضارهم ، واشار القاضي إلى انه كان هناك شاهد طلب مقابلته خارج قاعة المحكمة بصحبة محامي الدفاع بيد أنه أي  القاضي رفض لأن للمحكمة  محراب .

واضاف القاضي بانه تفاجئ بان محامي الدفاع امر الشاهد بالانصراف ، مضيفا بانه ليس له الحق في الانصراف طالما انه اتى شاهدا فعليه الادلاء بالشهادة ورفضه الشهادة فيه إثما عليه ، مردفا بان ابواب المحكمة مشرعة لأي شاهد لتوضيح ما تلقاه من من تهديد ووعيد ، وقال أن المحكمة ملزمة قانونيا بحماية الشاهد كما أن المادة (35) من قانون الاثبات تمنح الشاهد الحصانة القانونية الكاملة وان لا يكون عرضة لأي مساءلة قانونية بشأن ما ادلى به عدا شهادة الزوّر، واكد منح إذن لكل من يطلب من الشهود المتعرضين للتهديد والوعيد الإذن بفتح بلاغ تحت المادة (115/2) من القانون الجنائي ،وعدم تسلمهم شكوى من شاهد ، وأن ماقاله الدفاع محض إدعاء لا سند قانونيا له.

أما حول الشاهد حاتم بخيت قال القاضي أن المحكمة لم تقرر رفض الشهادة باعتباره شريك تو اضعافها وهذا ايضا عار من الصحه.وبما أن الدفاع منح العديد من الفرص لأحضار شهوده إلا انه فشل في ذلك، وعليه قرر القاضي رفض طلب الدفاع بامهاله فرصة لاحضار بقية الشهود .

ورأت المحكمة أن رفض الطاهر عبد القيوم المراجع العام الحضور للادلاء  بشهادته في المحكمة بعد تكليفه رسميا بالحضور يُعد مخالفا لامر الموظف العام وفقا للمادة (94) من القانون الجنائي .

واصدر القاضي امر بالقبض على الشاهد الطاهر عبد القيوم ، وفتح بلاغ جنائي في مواجهته تحت المادة (94) من القانون الجنائي المتعلقة بمخالفة امر تكليف رسمي لموظف عام بالحضور .

واكد القاضي في قراره ان كل شاهد تعرض للتهديد اوالوعيد لديه الحق في تحريربلاغ بعد تقديم طلب للمحكمة لمنحه الاذن باتخاذ إجراءات جنائية .

وفي آخر قرارها حددت المحكمة جلسة في الثاني من نوفمبر القادم لسماع المراجع العام كآخر شاهد دفاع في القضية .

اليوم التالي- بخيتة زايد

whatsapp
أخبار ذات صلة