يسرية محمد الحسن : امم امثالكم !

233

اللفة الاخيرة : يسرية محمدالحسن

امم امثالكم !…..

ذكريات الشهر الكريم لا تنتهي ما ان يهل علينا هلاله حتي تعود بنا الذاكره الي ازمان مضت وسنين الصبا والشباب والطفوله الغض ! دائما مايحلو السمر بعد صلاه التراويح كان ذلك في الزمان البهي ونضر حيث لا فضائيات تشغل الناس ولا اغاني واغاني وايهم او ايهن في الاصوات اقرب لهذا الفنان او تلك المخضرمه من فنانات زمان الرائعات .كانت الدنيا حلوه ورمضان احلي ! وان اختلف استيعابنا لاحداث جرت او مواقف بعدت بفعل توالي السنون عليها وبفعل تعاقب سنوات العمر علينا !.كان الزمان ستينيات القرن الماضي وما زلنا في عمر الطفوله الغض وبحكم عمل الوالد كانت مدينه بورتسودان مستقرا للاسره المكونه من الاب والام واربعه اطفال انا واحده منهم . كان الميناء المطل علي البحر الاحمر قبله لكل سفن العالم العابره لمياهنا الاقليميه الي دول اخري والتي تحمل خيرات الدنيا الي السودان كان الخير في ذلكم الزمان عجيبا ! اصناف واصناف مما يستورده التجار الي بلادنا سيما الاطعمه علي اختلاف انواعها فكان هناك ( سمك الرنجه ) المدخن الطازج ذو الطعم الخرافي واللون الذهبي الاخاذ ! لا ادري من اي بلاد العالم كان يستور هذا النوع من الاسماك المجففه التي عاده ما تأتي بداخل صناديق خشبيه متوسطه الحجم وبداخل هذه الصناديق تغلف اسماك الرنجه برقائق الالمونيوم والذي يعرف في ايامنا هذه بورق الفرن الحراري ( الفويل )في زماننا هذه افتقدنا اشياء جميله ورائعه سيما المأكولات والاطعمه الجيده المستورده من الخارج لا ادري لماذا اوقف استيراد اسماك الرنجه فقد افتقدناها الا في مناسبات الجاليات الاجنبيه الغربيه وفي مناسباتهم الوطنيه حيث تقدم هذه الاسماك ضمن اصناف الطعام الاخري . هناك الكثير جدا من انواع الماكولات الرمضانيه وغير الرمضانيه التي كانت سمه بارزه لاجود انواع الاطعمه المستورده في مدينه بورتسودان الجميله في غادي الزمان. الموائد الرمضانيه في انحاء بلادنا المختلفه تفيض باشهي انواع المأكولات البلديه وغيرها وحواء السودان بطبعها تتفنن في اظهار مهاراتها في الطبخ في هذا الشهر الكريم .واذكر ان ابناءنا المغتربين الي دول الخليج دائما مايتحدثون عن اعجاب اشقائنا العرب هناك بالاطعمه السودانيه وكيف انهم يرتادون المطاعم السودانيه باكثر من اهلها .ويطلبون الطعميه والكمونيه والملحات علي اختلاف انواعها ويستمتعون كثيرا بالقراصه بدمعه الدجاج ولهذه قصه تحكيها امي في المدينه الساحليه بورتسودان فقد اتفقن نسوه الحي ان يكون شراب المويه والافطار بمدينه سواكن التي تبعد قليلا عن المدينه وتحكي بقولها انه في ذياك الزمان كانت سواكن علي حالها حين هجرها اهلها ! او بالاحري حين اختفوا سكانها ولم يعد احد يعلم اين ذهبوا وفي اي مكان اختفوا وما الاسباب التي جعلتهم يفرون بجلودهم تاركين ورائهم منازلهم بكامل اثاثاتها وحوانيت البقاله بكامل بضاعتها ! والمساجد بتمام فرشها كل شئ كل شئ في مكانه تماما حتي المؤسسات الحكوميه علي قلتها !. كل شئ تقريبا كماهو لم يتغير او يتبدلتقول امي في الموعد المضروب كان كل شئ جاهزا نساء الحي كل واحده منهن قامت بتجهيز طعام الافطار والعصائر والحلويات واباريق الشاي والقهوه والاواني والفرش وفي الزمان المحدد للعربه الكبيره التي ستقلهم الي هناك كان ( البص ) قد.حمل بكل شئ بدءا من طعام الافطار وانتهاءا باستواء الجميع علي ظهره لتنطلق العربه مع اقتراب غروب شمس ذاك اليوم تنهب الارض نهبا باتجاه الميناء العثماني المهجور سواكن. حركه نشطه جدا لشباب الحي وبناته في اعداد المكان علي شاطئ المدينه الساحره وقبل الغروب بقليل كان الجميع علي ( الابسطه والسجاجيد ) وامامهم ما لذ وطاب من انواع الطعام المختلفه حان موعد الافطار بعد ان رفع الاذان الشاب عبد الوهاب ابن الجاره فتحيه بدأ الجميع في تناول الطعام علي ضوء الرتاين والفوانيس وامواج البحر الاحمر الصاخبه تداعبهم ب( رشات ثقيله ) من مياه البحر وقد غربت تماما الشمس وبدأ الليل في سدوله ! قضيت الصلوات وبدأ الجميع في تفقد المدينه الصغيره المهجوره وكانت المفاجأت ثقيله عليهم عند صعودهم اول الدرج لاحد المنازل فقد بدا كل شئ في مكانه الاسره بملاءاتها مشدوده عليها ونوافذ الغرف مفتوحه تهفهف عليها الستائر الحريريه بيضاء اللون ( تحكي امي وتقول الغريبه ان كل منازل سواكن علي قلتها بمافيها قصر الشناوي ذي ال 360 غرفه! كلها نفس الملامح والشبهه ! الفرش ذاته ملاءات كلها بيضاء اللون وكذا الستائر الحريريه وابواب المنازل والشبابيك كلها ذات احجام كبيره للغايه ومدهونه باللون الاخضر )!والمفاجاه كانت ان جميع المنازل المهجوره وعلي كل الاسره في كل منزل ترقد القطط كبيره الاحجام وهي تنظر الي الزوار دون ان تحرك ساكنا او حتي تحاول الهرب ! .تقول امي ان القشعريره سرت في الابدان جميعا ! وبدأ الخوف يدب في اوصال الجميع وبخاصه وان الحكاوي عن سواكن ( المسكونه )ذاع وعم القري والحضر ! فهناك روايات وروايات تتحدث عن غرائب وعجائب المدينه المهجوره ولكن اكثرها شيوعا تلك الروايه القديمه ومتجدده التي تقول ان نبي الله سليمان رضي الله عنه كان يتخد المدينه الساحليه في ازمان سحيقه سجنا كبيرا لسجن مرده الجن العاصين هرول الجميع بعد الجوله علي المنازل المهجوره باتجاه مكان الافطار علي الشاطى والذي كان مقررا لهم حسب اتفاقهم جميعا ان يقضوا ليلتهم هناك وعند ظهر اليوم التالي يودعون المدينه قافلين الي اماكن سكناهم في البورت . ولكن المفاجأه التي الجمت الجميع جعلتهم يتدافعون علي السياره التي كان صاحبها قد ودعهم بعد ان تناول افطاره ليعود اليهم راجلا من مكان غير بعيد عن سواكن ليقلهم الي حي الحوض في صبيحه اليوم التالي ! تقول امي انهم وجدوا رجالا ونساءا غريبي الاشكال والاحجام ! رؤوسهم ضخمه جدا واياديهم قصيره جدا وارجلهم ذات حوافر كالحمير !! يجلسون علي الابسطه والسجاجيد يقهقهون باصوات مرعبه وعاليه جدا وامامهم ( صواني ضخمه كل واحده بها مجموعه كبيره من الاطباق لدمعه الجداد بالقراصه )!!.. انحشر الجميع في العربه واغلقوا الابواب وسط نحيب بعض الجارات من شده الرعب بينما بدأ الشباب في تلاوه ايات مباركه من كتاب الله الكريم وباصوات عاليه جدا ! لم يكن من المأمول فعل اي شئ غير الاحتماء بالسياره الخاليه من سائقها او حتي مفتاحها ! ليتفاجأ جميع من بداخلها بالمخلوقات الغريبه تردد ايات الله مع الشباب وباصوات جميله جدا !! بيد انها بعد تلاوه ايات من الذكر الحكيم وبعد ان قاموا بالتهام كل شئ امامهم سيما دمعه الدجاج بالقراصه ومع اشتداد الرعب علي النساء والشباب وبكاء ونحيب بعضهن ومع بلوغ الليل ثلثه الاخير اذا بهذه المخلوقات تختفي تماما وقد غطي ضوء القمر الساطع الساحل الجنوبي باكمله ولم يدر الجميع كم من الزمن استغرق هذا العرض المخيف والمرعب ! ولكن قد اخبرنا الله في كتابه الكريم انهم وغيرهم …. ما من دابه علي الارض او طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم .. …. !.

whatsapp
أخبار ذات صلة