هل أصبحت بوصاصو منفذاً للمرتزقة وجسراً للحرب في السودان؟

0

متابعات- تاق برس- هل أصبحت بوصاصو منفذاً للمرتزقة وجسراً للحرب في السودان؟

كتب: عبدالرشيد محي الدين كالموي
كاتب وإعلامي صومالي

(بوصاصو في قلب الصراع السوداني)

بينما تستعر في السودان نيران حرب أهلية طاحنة منذ أبريل 2023، تتقاتل فيها قوات الدعم السريع مع جيش الدولة، تبرز مدينة بوصاصو الصومالية كمحطة محورية وخطيرة في تغذية هذا الصراع.

هذا الدور يثير تساؤلات جادة حول تحول المدينة إلى ممر لتدفقات النزاع الإقليمي، وما يترتب على ذلك من تهديدات للأمن القومي الصومالي واستقرار المنطقة.

(من ميناء تجاري إلى مسرح لعبور النزاعات)

كشفت تحقيقات صحفية واستخباراتية عن تحول بوصاصو إلى منصة لعبور مقاتلين أجانب وشحنات عسكرية إلى بؤر التوتر في السودان، ولا سيما إقليم دارفور.

وقد أكدت مصادر محلية ودولية مقتل عدد من الصوماليين الذين جندوا للقتال في هذه الحرب، منهم: أحمد عبدي كوداكس، حسن أورش محمد، عبد الله فرح قاسم، وعيسى جامع جوليد.

كان هؤلاء الشبان جزءاً من موجات تجنيد غير نظامية، تكشف النقاب عن ظاهرة مقلقة تتمثل في انخراط مواطنين صوماليين في صراعات بعيدة عن وطنهم.

وتشير تقارير دبلوماسية إلى أن الحكومة السودانية قد أحالت رسمياً هذه المعلومات إلى السلطات الصومالية، فيما يبدو أن الأخيرة تواجه صعوبة بالغة في كبح هذا التدفق، مما يضعف السيادة الوطنية ويعمق من تعقيدات الأزمة الإقليمية.

(شبكات معقدة: المرتزقة والتمويل والإمارات)

أكدت تحقيقات مستقلة، أجرتها منصات إعلامية مرموقة مثل “لا سيلا فاسيا” الكولومبية، استخدام مرتزقة أجانب (من بينهم كولومبيون) لميناء بوصاصو للوصول إلى معاقل قوات الدعم السريع في دارفور.

وأصبح مطار نيالا، على سبيل المثال، بمثابة “شريان حياة” لهذه القوات، تُدار عبره عمليات إمداد لوجستي، وتخزين للأسلحة، وتهريب للذهب.

وتربط التقارير هذه العمليات بدعم إماراتي يُقدَّم لتسليح وتمويل قوات الدعم السريع، مما يضع بوصاصو في قلب شبكة إقليمية معقدة لتمويل النزاعات، تربط بين موارد مالية، مدن ساحلية، وميليشيات مسلحة.

(زيارات دبلوماسية متقاطعة: أين يقف الصومال؟)

أضافت الزيارات الدبلوماسية الأخيرة إلى مقديشو طبقة أخرى من التعقيد.

فاستقبال الرئيس حسن شيخ محمود لوفد سوداني رفيع، برئاسة مدير المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل، يطرح تساؤلاً عما إذا كان ملف بوصاصو على طاولة المفاوضات، وإلى أي درجة تم بحث سبل إيقاف هذا الانخراط السلبي.

ولم تمر سوى ساعات حتى حلّ وفد إماراتي رفيع برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية، الشيخ شخبوط بن نهيان.

ويرى مراقبون أن التوقيت ليس صدفة، بل جاء كرسالة تهدف إلى موازنة تأثير الزيارة السودانية، في إطار جذب الصومال الذي بات موقعه في مجلس الأمن الدولي ووزنه الإقليمي محط أنظار جميع الأطراف المتنازعة.

(التكلفة البشرية: الشباب الصومالي وقوداً لحرب الغير)

ربما تكون التكلفة البشرية هي الجانب الأكثر إيلاماً في هذه المعادلة.

فخسارة شباب صوماليين، يُجندون ليكونوا وقوداً في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، تطرح إشكالية أخلاقية وإستراتيجية عميقة.

كيف يمكن حماية المواطنين من استغلالهم في صراعات خارجية، والحفاظ على ثروة البلاد البشرية من الاستنزاف؟

(الخلاصة الإستراتيجية: بين السيادة والواقع)

رغم الخطابات الرسمية حول التعاون الثنائي، يبدو الواقع على الأرض في بوصاصو أكثر قتامة.

توضح المعطيات أن تعقيدات الصراعات الداخلية بين السلطة الفيدرالية والإقليمية تعيق أي تحرك حاسم لفرض سيطرة فعلية، مما يترك الباب مفتوحاً لاستمرار استغلال المدينة.

لم تعد بوصاصو مجرد نقطة على الخريطة، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لإرادة الدولة الصومالية في حماية سيادتها.

حماية المصالح الحيوية للصومال وشبابه تتطلب سياسة خارجية وأمنية حازمة، تحول هذه المدن من مسارح للصراعات إلى بوابات للتنمية والتجارة، وتؤكد أن مستقبل الصومال يُصنع داخلياً، لا أن يُرهن لصالح نزاعات الآخرين.

 

المصدر: الصومال الآن

whatsapp
أخبار ذات صلة