صرخات في الصحراء تحكي قصة لاجئين سودانيين يواجهون انتهاكات جنسية في طريقهم إلى مصر

54

متابعات- تاق برس- كشف تحقيق مشترك أعده الصحفيان المصريان إيهاب زيدان وسلمى عبد العزيز بالتعاون مع “أريج” و”المهاجر” و “رصيف 22” عن تعرض لاجئين سودانيين لانتهاكات جسيمة وعنف جنسي أثناء محاولتهم الوصول إلى مصر عبر طرق غير نظامية.

 

واستند التحقيق إلى مقابلات مع سبع حالات تعرضت للاغتصاب من بينها سعيد، بالإضافة إلى خمس حالات تحرش و11 حالة نهب واحتجاز وطلب فدية، كما شمل استبيانًا شارك فيه 324 لاجئًا سودانيًا في مصر.

 

ويحكي سعيد البالغ من العمر 22 عامًا أنه غادر السودان في يناير 2024 هربًا من مضايقات طرفي النزاع ولإكمال دراسته الجامعية ومساعدة أهله، وأوضح أن الرحلة بدأت من منطقة سيدون بعطبرة إلى أسوان عبر الصحراء مقابل 400 ألف جنيه سوداني، وما أن وصلوا إلى الحدود المصرية استبدلوا السيارة بأخرى يقودها رجلان، وطلب أحدهما مبلغًا إضافيًا قبل الصعود فرفض، ما أدى إلى مشاجرة سرعان ما فضها المسافرون، ثم تحركت السيارة نحو منطقة الكسارة حيث اعترضتهم عصابات مختصة بالاستيلاء على اللاجئين واحتجزوه واغتصبوه أمام تهديد السائق، ما أدى إلى إصابته ببواسير وشرخ شرجي وفق تقرير طبي يتطلب جراحة بتكلفة 25 ألف جنيه مصري، وهو مبلغ عاجز عن توفيره، إضافة إلى الصدمة النفسية التي لازمت حياته منذ تلك اللحظة.

 

ولا يقتصر الأمر على سعيد، فقد احتُجزت فاطمة مع أطفالها الثلاثة ووالدها المسن وأربع أسر أخرى لمدة ستة أيام في مكان محاط بالجبال، حيث تعرضن للاغتصاب والنهب وطلب الفدية من قبل المهربين الذين احتجزوهم.

كما حاولوا إرغامهم على إرسال تحويلات مالية تحت التهديد.

 

نجت بعض الأسر من هذه الانتهاكات، فيما تعرضت أخرى لأضرار جسدية ونفسية شديدة واضطرت للهرب سيرًا على الأقدام قبل أن تصل إلى القاهرة.

صرخات في الصحراء تحكي قصة لاجئين سودانيين يواجهون انتهاكات جنسية في طريقهم إلى مصر

 

 

وتروي هدى البالغة من العمر 28 عامًا كيف أجبرها سائق على ممارسة الجنس تحت تهديد السلاح بعد وصولها منطقة الكسارة في نوفمبر 2023.

 

في حين تعرضت نهى البالغة 32 عامًا للتحرش والاغتصاب على يد المهربين خلال رحلتها من عطبرة إلى أسوان، وفقدت والدتها المريضة السيطرة على صحتها نتيجة المعاناة واضطرت للهروب بمساعدة طبيب صيدلي لتجنب الموت.

 

بينما تعرضت نور أم لأربعة أطفال للتحرش ثم الاغتصاب من قبل سائق التوكتوك الذي نقلها إلى أسوان وهددها بتسليمها للشرطة لترحيلها إلى السودان.

 

وواجهت ليلى البالغة 40 عامًا اعتداء عنيفًا ونهبًا من قبل أربعة ملثمين، إذ ضربوا ابنها البالغ 17 عامًا واغتصبوها وسط صراخ أطفالها ولم تستطع الحصول على أي حماية من الشرطة لعدم امتلاكها أوراقًا ثبوتية.

 

أما دعاء فقد تعرضت مع خمس فتيات أخريات للتحرش ومحاولات اغتصاب متكررة خلال خمسة أيام من الرحلة عبر الصحراء، واستمر المهربون في تهديدهن وفرض السيطرة عليهن رغم رفضهن القاطع.

 

فيما نجت سلوى وابنتها من محاولة اغتصاب ولكن تعرضتا لتحرش متكرر وتهديد مستمر مقابل المال والطعام واستمرت رحلتهما حتى القاهرة حيث لم تتمكن سلوى من التسجيل لدى المفوضية حتى الآن.

وأظهر الاستبيان أن 33 من كل 100 لاجئ تعرضوا للسرقة، وخمسة من كل 200 تعرضوا لاعتداء جسدي، وثمانية من كل 100 للاختطاف وطلب الفدية، بينما تعرض ثلاثة من كل عشرة لاستغلال مادي، وخمسة من كل 20 واجهوا التهديد أو الترهيب. فيما وثقت حالات عديدة من التحرش والاغتصاب الجماعي.

 

ويشير حقوقيون إلى أن تأخر التسجيل لدى المفوضية وفقدان الحماية القانونية يجعل اللاجئين عرضة للترحيل ويفقدهم القدرة على تحرير محاضر لدى الشرطة، وهو ما يتيح لمرتكبي الانتهاكات الإفلات من العقاب في ظل غياب دعم مادي ونفسي كافٍ ونقص التمويل الذي أدى إلى توقف خدمات طبية أساسية وبرامج المساعدات النقدية.

 

ويبلغ عدد السودانيين الذين وصلوا إلى مصر منذ بدء النزاع المسلح نحو 1.5 مليون شخص، بينما سجلت المفوضية نحو 700 ألف، ما يزيد الضغط على الخدمات، فيما تؤكد الاتفاقيات الدولية والقانون المصري حق اللاجئ في الحماية وعدم معاقبته على دخوله بشكل غير نظامي شرط تقديم نفسه فورًا للسلطات، لكن التعقيدات القانونية والإدارية تجعل هذه الحماية غير مضمونة في الواقع، ما يترك اللاجئين في مواجهة مباشرة مع المهربين والمجرمين في رحلة محفوفة بالمخاطر.

whatsapp
أخبار ذات صلة